العنف ضد المرأة في دول النزاع بمنطقة الشرق الأوسط – دراسة لحالتي سوريا واليمن

تمهيد

يشكل العنف ضد النساء والفتيات أحد أكثر  انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا واستمرارًا وتدميرًا في عالمنا اليوم، بيد أنه لا يزل مجهولًا إلى حد كبير بسبب ما يحيط به من ظواهر الإفلات من العقاب والصمت والوصم بالعار، فمن بين كل ثلاث نساء، هناك امرأة واحدة على الأقل تتعرض أثناء حياتها للعنف البدني أو الجنسي على يد أحد الذكور، وتُعرف الأمم المتحدة العنف ضد المرأة على أنه “أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجّح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانيـة أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو الحرمـــــان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة “.

ويتصاعد العنف ضد النساء والفتيات في بيئات الصراعات والنزاعات المسلحة بشكل واسع، فعلى الرغم من أن النزاعات والصراعات المسلحة قد خلفت تأثيرًا رهيبًا على كل المدنيين بصفة عامة، بيد إن النساء والفتيات قد تأثرن بهذا الوضع بشكل غير متناسب، حيث أدت أعمال القتال إلى معاناة المدنيين في مختلف بيئات النزاعات المسلحة بسبب حدة الأزمة الاقتصادية، وتضرر البنية التحتية، وانهيار الخدمات، لكن بالإضافة إلى ذلك، تعَّين على النساء أن يواجهن محدودية الحركة بسبب المعايير الثقافية السائدة بين الجنسين. وأيضًا، لأنهن مسؤولات عن توفير الطعام وتقديم العناية في منازلهن، فكان لِزَامًا عليهن أن يتعاملن مع التحديات المرتبطة بمحدودية الوصول إلى الطعام، والماء، والصرف الصحي، وخدمات العناية الصحية والتي شهدت تدهورًا مطردًا إثر استمرار اعمال القتال المسلح في بعض البلدان التي تشهد نزاعات وصراعات مسلحة.

وفي إقليم الشرق الأوسط، فاقمت النزاعات وحالات عدم الاستقرار المنتشرة في العديد من دوله، أنماط التمييز ضد النساء والفتيات القائمة من قبل، وزادت من حدة الانتهاكات التي تتعرض لها حقوقهن الإنسانية، وفي هذا الصدد، ولّدت النزاعات المسلحة المنتشرة في دولة اليمن، وسوريا، وليبيا، والعراق، والصومال، مستويات متعددة من العنف ضد النساء والفتيات بما في ذلك عمليات القتل العشوائي، والتعذيب، والاعتقال والإخفاء القسري، والعنف الجنسي والجنساني، والزواج القسري، وهو ما يعزى إلى تورط الأطراف والقوى المتحاربة في استخدام العنف الممارس ضد المرأة، ولا سيما العنف الجنسي والجنساني، كأسلوب قاسٍ من أساليب الحرب، والإرهاب، والتعذيب، والقمع السياسي لتحقيق أهدافها الاستراتيجية، بما في ذلك الأهداف الرامية إلى دفع السكان إلى الفرار والسيطرة على الأراضي والموارد الطبيعية المتنازع عليها.

وتعتبر النساء والفتيات في بيئات اللاجئين والنازحين المكتظة في دول منطقة الشرق الأوسط، من بين أشد المتضررين من الأزمات الناجمة عن النزاع، والتشريد القسري، وكوفيد-19، الأمر الذي يعزى إلى كونهن معرضات لمخاطر عالية من العنف الجنسي، والاستغلال، والاتجار،  ولا سيما في ظل الأوضاع الإنسانية المتفاقمة على إثر تناقص وصول المساعدات الإنسانية والموارد عمومًا. وفي هذا السياق، أفضى اليأس الاقتصادي وانهيار شبكات الأمان الاجتماعي في خضم النزاعات المسلحة بمنطقة الشرق الأوسط، إلى زيادة لجوء الفتيات والنساء إلى آليات التكيف السلبية بما في ذلك زواج الأطفال وممارسة الجنس من أجل البقاء.

ويثير العنف المتفاقم ضد النساء والفتيات في دول النزاع بمنطقة الشرق الأوسط شواغل هامة بشأن الانتهاكات الحقوقية واسعة النطاق التي تتعرض لها النساء والفتيات في هذه الدول، وإذ تعرب مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان عن قلقها البالغ إزاء الانتهاكات الجسيمة التي تتعرض لها النساء والفتيات في دول النزاع بمنطقة الشرق الأوسط، فإنها تقدم تقريًرا يتناول أشكال العنف الذي تتعرض له المرأة في دول النزاع بمنطقة الشرق الأوسط، بالتركيز على دولتي سوريا واليمن كحالتين للدراسة، وذلك في إطار حملة الستة عشرًا يومًا للقضاء على العنف ضد المرأة والتي تبدأ في 25 نوفمبر من كل عام وتستمر حتى العاشر من ديسمبر.

كلمات مفتاحية: العنف – المرأة – دول النزاع – اليمن – سوريا.

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية