مكافحة خطابات الكراهية في مصر المسارات وآليات المواجهة

تمهيد

يٌعد الحض علي خطابات الكراهية في مصر بمثابة جريمة يٌعاقب عليها القانون وفقا لنص المادة 53 من الدستور، وعمدت مصر في السنوات الماضية على كبح جماح هذه الخطابات، لا سيما التي استشرت بعد رحيل الرئيس السابق محمد مرسي عن الحكم والتي استخدمت فيها جماعة الإخوان المسلمون المصٌنفة إرهابية في مصر، واتباعها الدين كذريعة لاستلهام همم أفراد أخرين في المجتمع، ورغم وجود نصوص قانونية تٌعاقب علي فعل التحريض علي الكراهية وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنه لا يوجد حتي إصدار هذا التقرير قانون شامل لمكافحة خطابات الكراهية سواء في وسائل الإعلام أو عبر منصات التواصل الاجتماعي وكانت ثمة محاولة وحيدة أقدمت عليها مؤسسة الأزهر في يونيو 2017 بتقديم مقترح بمشروع قانون لمكافحة خطابات الكراهية والعنف باسم الدين لكن مشروع القانون ما برح يراوح مكانه، كما إن الدستور ورغم نصه صراحة في المادة 53 علي إنشاء مفوضية مستقلة لمكافحة التمييز إلا إنها لم تخرج للنور.

وكانت مصر قد واجهت تنامي هذه خطابات الكراهية بالتوازي مع استشراءها على الصٌعد الدولية والإقليمية، وخاصة مع دخول مصر عصر ثورة الاتصالات والمعلومات وبالأخص تقنيات جيل 2.0 Web ” الويب الاجتماعي” وعليه طرأت ممارسات شرعت فيها مجموعات معينة مستخدمين الشعارات الدينية على نحو مغالط لتبرير خطاباتهم الأثمة، وأقدموا عليها طواعية في بعض الأحيان وبتنظيم من كيانات مُسيسة في أحيان أخري للحض على الكراهية وتأجيج مشاعر العنف بين المكونات الدينية المختلفة في المجتمع المصري.

ويستدعي ذلك من الدولة المصرية الانتباه لمثل هذه الظواهر التي وإن كان وجودها محدودًا لكنه يستدعي الرصد والرقابة والتحليل، مع ضرورة وجود إطار قانوني شامل يٌنظم العقوبات المفروضة على هذه الخطابات ويفرق بين أشكالها المختلفة ويٌدرج تعريفًا واضحًا لهذه الخطابات يتسق مع ما جاء في استراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة خطابات الكراهية والتي أطلقت في عام 2019.

والتي اعتبرت هذه الخطابات بمثابة “أي نوع من أنواع التواصل في الكلام، الكتابة، أو السلوك يهاجم أو يستخدم لغة تحقيريه أو تمييزية نحو شخص أو مجموعة على أساس هويتهم أو على دينهم، عرقهم، جنسيتهم، دينهم، اللون، الجنس، النسب، أو عامل هوية اخر”.

وعليه قررت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان وفي إطار مشروعها “بناة السلام في مصر: مناهضة خطاب الكراهية باسم الدين” والتي تنفذه بالتعاون مع مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات (كايسيد)، العمل علي هذا التقرير الأولى، والذي يتضمن الإطار القانوني لمكافحة خطابات الكراهية في مصر، ومسارات خطابات الكراهية باسم الدين في مصر، وآليات مواجهة هذه الخطابات وأخيرًا الممارسات الجيدة في سياق مكافحة خطابات الكراهية سواء علي مستوي المجتمع الدولي أو في إطار عمل منظمات المجتمع المدني.

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية