الشبكة العربية وعودة الخطاب التكفيري

في الوقت الذي يسقط فيه المجتمع المصري العظيم نظام سياسي غير ديمقراطي فشل في احترام حرية المواطنين في التعبير عن أرائهم وأغلق في وجههم نوافذ المشاركة في اختيار من يحكموهم ، تشهد الساحة الحقوقية المصرية تنامي تيار ينقلب على كل القيم والمبادئ الحقوقية الأصيلة التي تضمنتها الصكوك الدولية ذات الصلة ونادت بها ودعمتها الحركة الحقوقية المصرية على امتداد تاريخها الممتد منذ منتصف الثمانينات فقد استقبلنا ببالغ القلق والدهشة ما قامت به الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان من إطلاقها لموقع الكتروني باسم قوائم العار ، نشرت عليه قائمة بمن سمتهم ” الإعلاميين والفنانين والشخصيات العامة المصرية التي تحدت إرادة الشعب المصري ، ودعمت نظام الديكتاتور المصري المخلوع حسني مبارك ” وإذ نعرب عن رفضنا لهذا المسلك وهذا الخطاب في تصنيف الناس والمصادرة على حقهم في التعبير عن آرائهم وانتماءاتهم السياسية – حتى لو لم توافق رأي السواد الأعظم من المواطنين الذين خرجوا إلى الشوارع مطالبين بإسقاط نظام مبارك – فإنها في نفس الوقت تستنكر ما قامت به الشبكة العربية من وضع أسماء منظمات مجتمع مدني حقوقية مصرية كان لها دور مؤثر ومشهود في خدمة قضايا حقوق الإنسان طوال السنوات الخمس الماضية ، ولم يعرف عنها يوما الالتزام بغير القواعد المهنية والصكوك الدولية لحماية حقوق الإنسان ، فضلا عما تؤكده إصدارات هذه المنظمات وبياناتها ومواقفها الرسمية من انحياز تام وكامل لمطالب المتظاهرين والثوار الذين خرجوا إلى الشوارع منذ يوم 25 يناير وحتى الآن مطالبين بإسقاط النظام وإجراء إصلاحات تشريعية وسياسية واقتصادية لخلق مجتمع الديمقراطية والرفاهة الاجتماعية ومع التأكيد على أن هذه المنظمات ليست في حاجة للدفاع عن نفسها إزاء هذا التصرف غير المسئول من قبل مسئولي الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ، والذي يتناقض بشكل واضح مع توجهات الشبكة المنادية باحترام حرية الرأي والتعبير والذين يدين الشبكة ومسئوليها ولا يدين المنظمات المقصودة ، فإن هذا المسلك من الشبكة العربية يكشف عن تأثر خطابها الرسمي بالمواقف السياسية لبعض قياداتها وهو ما يخالف القواعد المهنية والمرجعيات الأساسية للمنظمات المعنية بتحسين وحماية حقوق الإنسان . ومن جانب آخر فإننا نطالب الشبكة العربية ومديرها السيد / جمال عيد بالاعتذار عن هذه السقطة المهنية اولا ، والاعتذار عن حديث الإفك في حق سمعة منظمات ونشطاء حقوقيين لم يعرف عنهم سوى الانحياز لحق المواطن ثانيا ، وإعادة النظر في قدرته على فصل توجهاته وقناعاته الخاصة عن الممارسات المهنية للكيان الحقوقي الذي يديره ثالثا . وفي النهاية نؤكد على أن هذا السلوك التخويني الذي صدر عن الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ، يذكر بالخطاب التكفيري لبعض التنظيمات الجهادية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي ، وبالقطع لن يمكننا بناء المجتمع الذي نصبوا إليه جميعا ، والذي سالت من أجله دماء شهداء ثورة 25 يناير بدون وضع حد لمثل هذا الخطاب .

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية