السب ، القذف ، والتجريح الشخصي أدوات محرمة يستخدمها الإعلام المناهض للاستحقاق الرئاسي

تمهيد

3 يوليو 2013 هو التاريخ  الذي شهد عزل الرئيس السابق محمد مرسي بإرادة شعبية واتفاق القوى الوطنية على إثر احتجاجات شعبية واسعة  بدأت منذ إصدار الرئيس السابق لإعلان دستوري رآه الكثيرين وقتها تغولا من السلطة التنفيذية على السلطة القضائية وتكريسا لهيمنة فصيل واحد على الحكم بالمخالفة لتعهدات قطعها الرئيس المعزول على نفسه للقوى السياسية عند انتخابه  ، ووصلت هذه الاحتجاجات إلى ذروتها في 30 يونيه 2013 وتوحدت المطالب الشعبية وقتها في ضرورة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة  ، ومن ثم فقد جاءت إجراءات 3 يوليو كاستجابة لهذه الثورة.

منذ هذا التاريخ  تشهد الساحة السياسية المصرية  والفضاء الإلكتروني والإعلامي  المرتبط بها استخداما مفرطا في لغة السب والقذف والتجريح وتناول الحياة الخاصة للسياسيين  والقادة الدينيين والوطنيين والعسكريين الذين كانوا طرفا في إجراءات 3 يوليو وما بعدها .

وقد جاء الاستحقاق الرئاسي  الذي تعيش مصر حاليا أجواء انتخاباته  ليرفع من وتيرة  استخدام  لغة السب والقذف  والتعرض لحرمة الحياة الخاصة للمرشحين .

نعرض في هذا التقرير النوعي الذي يصدره ” مرصد الانتخابات الرئاسية  بمؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان – مصر 2014 ”  لملامح عامة لما تم رصده  فيما يتعلق بهذه القضية خلال الفترة الماضية .

نظرة عامة لاستخدام منهج السب والقذف في الممارسة الانتخابية

وفقا لتحليل أداء  مجموعة من وسائل الإعلام  ( التلفزيونية – المواقع الإخبارية – صفحات التواصل الاجتماعي )  خلال المرحلة الماضية من عمر العملية الانتخابية ، اتضح  بشكل قاطع  ” تسامي ” الغالبية العظمي من المنابر الإعلامية الحكومية والخاصة  عن مخالفة القواعد القانونية المقررة في هذه النقطة ، حيث لم يتم رصد  أي مخالفات مؤثرة على هذا المحور في  غالبية هذه الوسائل – على الرغم من انحيازات معظمها لمرشح بعينه – .

إلا أن هذا ” التسامي ”  لا وجود له على المنابر الإعلامية  المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين ، خاصة  صفحات موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك ،  وقناة رابعة الفضائية ،  على الترتيب ، بينما يؤخذ على قناتي الجزيرة والجزيرة مباشر مصر ، إبرازهما الألفاظ  مسيئة وعبارات تعد من قبيل السب والقذف والاحتفاء بها في عدد من برامجها ، فضلا عن عدم إعمالها للقواعد المهنية  فيما يتعلق بإخلاء مسئوليتها وتبراها من عرض مثل هذه المواد .

تشير نتائج رصد  أداء وسائل الإعلام المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين – باعتبارها الفصيل المناهض لإجراءات ما بعد 3 يوليو بما فيها الاستحقاق الرئاسي  –  وصفحات التواصل الاجتماعي  التابعة للجماعة ،  إلى  كثافة غير مسبوقة في استخدام الألفاظ الخارجة  وعبارات السب والقذف المجرمة أخلاقيا  ودينيا وقانونيا .

ومن الأمثلة  ذات الدلالة التي تم رصدها على وسائل الإعلام المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين  ، الهاشتاج المسيء الشهير الذي  أنشأته كوادر الجماعة عقب إعلان المرشح عبد الفتاح السيسي ترشحه للرئاسة ، ليصبح شعارا رئيسيا في تظاهرات الجماعة  رغم ما يحتويه من لفظ  خادش للحياء  ولا يتناسب مع الصورة الذهنية التي يقدمها الإخوان عن أنفسهم  .

وتصبح المفارقة  في أوج  حبكتها  عندما يتم رصد  مسيرة إخوانية نصفها على الأقل نساء محجبات ومنقبات  ويرتفع الشعار الخادش للحياء  فوق رؤوسهن في صورة لافتات  وشارات على الرأس ،  فكيف يتناسب  هذا مع ذاك ؟

من المفارقات الأخرى التي تم رصدها خلال الفترة الماضية  وبشكل محدد على قناة  رابعة التابعة لجماعة الإخوان ، والتي تقدم برنامجا يوميا للداعية ألإخواني الهارب من مصر وجدي غنيم ،  حيث انشغل على مدار حلقات – في برنامج يفترض انه ديني ويحض على الفضيلة في الفعل والقول –  في تفسير وتبرير  اللفظ المسيء الذي أطلقته كتائب الإخوان الإلكترونية على أحد مرشحي الرئاسة .

ووصل الحال  بمقدم البرنامج المذكور في احد الحلقات إلى التلاعب بالقواعد الدينية والنصوص  ليثبت أن هذا اللفظ يتوافق مع صحيح الدين والسنة النبوية !!!!!! .

العنف اللفظي  ، والسب والقذف والتعرض لحرمة الحياة الخاصة  لم يقف عند حد مرشح بعينه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة ، فإن كان المرشح عبد الفتاح السيسي نال الحظ الأوفر من  سباب  المنتمين للجماعة ، فإن المرشح الآخر حمدين صباحي  نال نصيبا من هذا السباب  والتفحش في القول .

 

الإطار القانوني المرتبط بالعنف اللفظي والعملية الانتخابية

يتضمن قانوني العقوبات المصري ، ومباشرة الحقوق السياسية  موادا تجرم وتعاقب على استخدام السب والقذف بألفاظ خادشة وطاعنة في الشرف ، خاصة في ظل التنافس السياسي  أو الانتخابي ، فالمادة   306  من قانون العقوبات على سبيل المثال تنص على أنه  ” كل سب لا يشتمل علي إسناد واقعة معينة بل يتضمن بأي وجه من الوجوه  خدشا للشرف أو الاعتبار يعاقب عليه بالحبس مدة لا تجاوز سنة وغرامة لا تقل عن ألف جنية ولا تزيد علي خمسة ألاف جنية أو أحدي هاتين العقوبتين ” .

تنص  المادة( 48 (من قانون مباشرة الحقوق السياسية  على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه”كل من نشر أو أذاع أقوالاً أو أخباراً كاذبة عن موضوع الانتخاب أو الاستفتاء أو عن سلوك أحد المرشحين أو عن أخلاقه مع علمه بذلك ، بقصد التأثير في نتيجة الانتخاب أو الاستفتاء”، فإذا أذيعت تلك الأقوال أو الأخبار في وقت لا يستطيع فيه الناخبون أن يتبينوا الحقيقة ضوعفت العقوبة .

وبعيدا عن النصوص القانونية ن فغن لجنة رصد وتقييم الأداء الإعلاني والإعلامي لانتخابات رئاسة الجمهورية، حددت عددا من المحاور حول الأداء الإعلامي للانتخابات من بينها عدم التعرض للحياة الشخصية للمرشحين، خاصة الجانب السلبي في الدعاية، وذلك بوسائل الإعلام المختلفة

وبناءا على ذلك يمكننا القول أن السب والقذف والعنف اللفظي   أثناء العملية الانتخابية  وفي حق المرشحين يعد مجرد قانونا ويعاقب مرتكبه بالحبس والغرامة ، وتنطبق تلك النصوص إلى حد بعيد على ما تردده وسائل الإعلام التابعة لجماعة الإخوان .

توصيات ختامية

1-  إعمال قواعد ومواثيق الشرف الإعلامي أثناء الممارسة الانتخابية

2-تشديد العقوبات المقررة على جرائم السب والقذف التي تتضمن تعرضا للحياة الخاصة للمرشحين  بألفاظ ماسة بالشرف وخادشة بالحياء .

3-  على اللجان الرسمية  المعنية بمتابعة ورصد الأداء الإعلامي  إبراز هذا المحور في تقاريرها واقتراح آليات ردع وعقاب كفيلة بمنع تكرارها خلال الانتخابات القادمة .

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية