مع قناعتنا بأنها غير كافية ماعت تطرح رؤيتها للتعديلات الدستورية المقترحة

شهدت جمهورية مصر العربية حراكا سياسيا واسعا خلال الفترة من 25 يناير 2011 وحتى الآن ، وذلك على إثر الانتفاضة الشعبية المطالبة بالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ومحاربة الفساد الذي أستشرى خلال الأعوام الأخيرة نتيجة سد منافذ التغيير والتداول السلمي للسلطة الخلط بين رأس المال والسلطة ونتيجة غياب آليات الشفافية والمحاسبة ، كما طالبت الانتفاضة بضرورة التحول إلى دولة مدنية و نظام ديمقراطي مؤسسي يحمي الحقوق والحريات العامة ويضمن التداول السلمي للسلطة .
وقد كانت أكثر المطالبات أهمية وأكثرها بروزا هي المطالبات المتعلقة بإحداث تعديلات جذرية في الدستور المصري تضمن التحول إلى دولة مدنية ديمقراطية وتتجاوز أخطاء الماضي ، وترى مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان أن المتطلبات اللازمة لذلك عمودها الفقرى صياغة دستور جديد وليس مجرد تغيير خمس مواد في الدستور وإلغاء واحدة كما هو مطروح الآن ، وكما هو مقرر للجنة التعديلات الدستورية التي شكلها المجلس الأعلى للقوات المسلحة ..
ونحن نؤكد على أن الدستور الجديد الذي يجب العمل على إصداره ، لا بد أن يضمن الانتقال إلى نظام حكم برلماني واضح يضع السلطات في يد حكومة منتخبة من الشعب ، ويمكن مسائلتها أمام نوابه .
كما أن التحول إلى نموذج الدولة الذي نبتغيه جميعا والذي طالب به الثوار والمتظاهرين يستلزم إعادة صياغة مجموعة كبيرة من القوانين المرتبطة بالحق في المشاركة وحرية التنظيم وحرية التعبير ومناهضة الفساد وتعزيز الشفافية وتداول المعلومات ، وبالتالي فإن ما هو مطروح الآن من تعديلات جزئية ومحدودة لا يمكن قبوله إلا في إطار كونه عبورا للمرحلة الانتقالية والمأزق الدستوري الحالي ، وهو ما يجب أن كون واضحا في أذهان كل الأطراف .
ومع تسليمنا التام وموقفنا الثابت من ضرورة صياغة دستور جديد وقوانين مكملة جديدة بمجرد تسليم قيادة الدولة لسلطة مدنية منتخبة ، فإننا نقدم في هذه الورقة رؤية مؤسسة ماعت للتعديلات التي يجب إدخالها على المواد الخمسة التي استقرت عليها لجنة التعديلات الدستورية وهي المواد (76 ) ، (77 ) ، (88 ) (93) (189 ) ، وذلك من باب المساهمة في النقاش العام الدائر الآن ومن باب الحرص على أن لا تأتي التعديلات بشكل يحد من قدرة المواطنين على اختيار من يتولى زمام السلطة من المجلس العسكري الانتقالي .

الأسس والصياغات المقترحة للتعديلات الدستورية
الأسس التشريعية التي يجب أن يتم بناء عليها التعديل
أولا :- عدم تعارض التعديلات مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في الدستور
فيجب أن لا يكون التعديل مانعا لحق مواطن في ترشيح نفسه طالما توافرت فيه الشروط ، ويجب أن تنسجم هذه الشروط مع الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في الدستور كما هو الحال في المادة ( 40 ) من الدستور والتي تنص على أن ” المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.
ثانيا :- عدم تعارض التعديلات مع الصكوك الدولية التي صدقت عليها مصر
وينطبق ذلك بشكل خاص على توافق التعديل مع المادة (25 ) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي تنص على أن يكون لكل مواطن،دون أي وجه من وجوه التمييز ، الحقوق التالية،التي يجب أن تتاح له فرصة التمتع بها دون قيود غير معقولة :-
– أن يشارك في إدارة الشؤون العامة،إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية.
– أن ينتخب وينتخب، في انتخابات نزيهة تجرى دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري، تضمن التعبير الحر عن إدارة الناخبين.
– أن تتاح له، على قدم المساواة عموما مع سواه،فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده.
وفي نفس السياق يجب أن تحترم في هذا الشأن اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة التي صدقت عليها مصر والتي تنص في مادتها السابعة على أن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد، وبوجه خاص تكفل للمرأة، على قدم المساواة مع الرجل، الحق في:-
– التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة، والأهلية للانتخاب لجميع الهيئات التي ينتخب أعضاؤها بالاقتراع العام .
– المشاركة في صياغة سياسة الحكومة وفى تنفيذ هذه السياسة، وفى شغل الوظائف العامة، وتأدية جميع المهام العامة على جميع المستويات الحكومية.
– المشاركة في أية منظمات وجمعيات غير حكومية تهتم بالحياة العامة والسياسية للبلد.
ثالثا :- الاسترشاد بتشريعات الدول المدنية التي تتشابه في النظام السياسي
من المهم عند طرح تعديلات ما لنصوص دستورية حاكمة لانتخاب رئيس الجمهورية أن نسترشد بتشريعات الدول التي توصف بأن نظامها السياسي رئاسي ، أو تلك التي يعد نظامها السياسي رئاسيا برلمانيا ، ونحن في هذا الشأن نسترشد بالتشريعين الأمريكي والفرنسي في مسألة شروط قبول ترشيح رئيس الجمهورية .
1- شروط الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية الفرنسية
يجب على الشخص المترشح أن يكون فرنسي الجنسية وأن يحق له الاقتراع وذلك عن طريق حمله لصفة ناخب بكون اسمه موجودا على القوائم الانتخابية . كما يجب أن لا يقل عمره عن ثلاثة وعشرين سنة ، وأن يكون متحلياً بكرامة الأخلاق.
ويجب على كل شخص يريد الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية أن يجمع ما لا يقل عن (500 ) توقيع من الأشخاص المخول لهم. بشرط أن تكون هذه التوقيعات موزعة على 30 إقليم أو تجمع ما وراء البحار على أقل تقدير، وذلك بدون أن يتخطى عدد الموقعين في كل إقليم عشر العدد الإجمالي للأعضاء المنتخبين، والأشخاص المخول لهم التوقيع هم :أي نائب فرنسي ، أي عضو في مجلس الشيوخ الفرنسي ، أي رئيس بلدية ، أي عضو في المجلس الفرنسي بالخارج ، النواب الأوروبيون ، الأعضاء المنتخبين في مجلس كورسيكا أو مجلس بولينيزي الفرنسية أو من الكونغرس أو مجالس كاليدونيا الجديدة أو مجالس والس وفوتونا ، المستشارون الجهويون ، المستشارون الجهويون لمايوطه وسان بيار وميكلون ، مجلس إستشارة مدينة باريس ، رئيس بولينيزي الفرنسية أو رئيس حكومة كاليدونيا الجديدة
ويصل عدد الأشخاص المخول لهم بالتوقيع حوالي 45000 شخص منهم 30000 رئيس بلدية. ولا يحق لهذا الشخص أن يوقع لأكثر من مترشح واحد ولا يستطيع أن يعطي لهذا المترشح أكثر من توقيع واحد فقط.
2- شروط الترشيح لمنصب رئيس جمهورية الولايات المتحدة الأمريكية
ينص الدستور الأمريكي على ألا يكون أي شخص سوى المواطن بالولادة أو من يكون من مواطني الولايات المتحدة وقت إقرار هذا الدستور، مؤهلاً لمنصب الرئيس، كما لا يكون مؤهلاً لذلك المنصب أي شخص لم يبلغ سن الخامسة والثلاثين ولم يكن مقيماً في الولايات المتحدة مدة أربعة عشر عاماً ، وبالتالي فإن الشروط الحصرية للترشح لمنصب الرئيس في الولايات المتحدة هي :-
– السن ( 35 سنة على الأقل ).
– أن يكون مولودا بالولايات المتحدة أو حاصلا على جنسيتها وقت إقرار الدستور .
– الإقامة في الولايات المتحدة لمدة 14 عاما .
الصياغة المقترحة للمواد الدستورية المطلوب تعديلها
أولا :- المادة 76
ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السرى العام المباشر ” . ويلزم لقبول الترشيح لرئاسة الجمهورية أن يكون المتقدم مصري من أبوين مصريين مؤدي للخدمة الوطنية غير محروم من حقوقه المدنية والسياسية بسبب جريمة مخلة بالشرف ، ويجب ان يحصل المتقدم للترشيح على توقيع (25 ) ألف مواطن مقيدين بالجداول الانتخابية موزعين على عشرة محافظات على الأقل ، ويزيد عدد التوقيعات في كل انتخابات رئاسية بنفس النسبة المئوية لزيادة المقيدين بالجداول الانتخابية ، كما يحق لكل حزب من الأحزاب السياسية التي حصل أعضائها في آخر انتخابات على (2% ) من مجموع مقاعد المنتخبين في مجلسي الشعب والشوري أن يقدم أحد المرشحين للرئاسة ، ولا يحق لحزب او لمواطن تقديم أو التوقيع لمرشحين للمنصب في نفس الانتخابات ، ويعلن انتخاب رئيس الجمهورية بحصول المرشح على الأغلبية المطلقة لعدد الأصوات الصحيحة
ثانيا :- المادة (77 )
مدة الرئاسة خمس سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ إعلان نتيجة الانتخابات . ولا يجوز انتخاب الرئيس لأكثر من مدتين متتاليتين.
ثالثا :- المادة (88 )
يشترط في عضو مجلس الشعب أن يكون مصري الجنسية مقيد بالجداول الانتخابية بالدائرة المرشح بها غير محروم من حقوقه المدنية والسياسية بسبب جريمة مخلة بالشرف وتتولي لجنة قضائية عليا مستقلة الإشراف علي وإدارة العملية الانتخابية بالكامل ، وتتكون اللجنة من عشرة أعضاء أربعة ترشحهم الجمعية العمومية لمحكمة النقض من بين قضاتها ، وأربعة ترشحهم الجمعية العمومية لمجلس الدولة من بين قضاتها وإثنين يرشحهم رئيس المحكمة الدستورية العليا من بين أقدم نوابه ويصدر قرار تعيين اللجنة من رئيس الجمهورية على أن يرأس اللجنة أحد قضاة محكمة النقض الذي تحدده الجمعية العمومية لها ، وتصدر قرارات اللجنة بأغلبية سبعة اصوات .
رابعا :- المادة (93)
يلزم على رئيس مجلس الشعب إحالة الطعون المقدمة إليه في خلال اسبوعين إلى محكمة النقض التي تختص بالتحقيق في صحة هذه الطعون خلال تسعين يوما من تاريخ إحالتها ، ويلتزم المجلس بقرارات المحكمة يعتبر قرار المحكمة ملزما ومن ثم تعتبر العضوية باطلة للعضو إذا ما قررت ذلك محكمة النقض .
المادة (189 )
يجوز لثلث أعضاء مجلس الشعب طلب تعديل ماده أو أكثر من مواد الدستور وإذا وافق ثلثا الأعضاء على التعديل يطرح الأمر على الاستفتاء الشعبى فإذا وافق على التعديل اعتبر نافذا من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء
أما إذا رفض ثلثا الأعضاء التعديل المقترح أو رفض الشعب في الاستفتاء التعديل المقترح فلا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل مضى سنه على هذا الرفض

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية