مؤرخون يوصون بمراجعة اتفاقية السلام مع إسرائيل .. وقانونيون يحذرون من تداعيات التعديلات الدستورية علي السلام المجتمعي والحريات

نظم مركز ماعت أمس ضمن مشروعه الداعي لنشر ثقافة السلام المجتمعي ، جلستي نقاش حول ضمانات حماية الحريات والسلام المجتمعي بعد عام علي التعديلات الدستورية ، ومستقبل السلام بالمنطقة بعد 29 عاما علي توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل ، واتفق المتحدثون بالجلستين علي أثر تعديلات الدستور وخطورتها علي السلام المجتمعي مع تجاهلها أية اعتبارات تخص سلامة الحريات الشخصية والعامة ، وخطورة تجاهل تعديل اتفاقية السلام مع إسرائيل لعدم موائمة بنودها والظروف الاستثنائية التي تمر بها الحدود الشرقية لمصر وكذا لأنها لم تنجز أي تقدم في علاقات السلام العربية – الإسرائيلية .

في الجلسة الأولي حول اتفاقية السلام قال الدكتور جاد طه أستاذ التاريخ المعاصر بآداب عين شمس إن الجيش المصري أنجز مهمته في حربي الاستنزاف وأكتوبر بنجاح ، وانتزع أرضه المحتلة من إسرائيل ، ودخلت قيادته السياسية في مفاوضات فض الاشتباك قبل الزيارة التاريخية إلي القدس للحديث عن نوايا مصر في سيادة السلام القائم علي الأمن والعدل بالمنطقة ، وجري توقيع الاتفاقية في ظروف سياسية معقدة بدا خلالها العالم الغربي متفقا علي ضرب العرب ومصر لصالح إسرائيل ، إلا أن الاتفاقية جري توقيعها بعد تدخل أمريكي مباشر في المفاوضات ، وعلي الأمد البعيد يري أنها حققت مصالح إسرائيل في بناء علاقات مع الدول التي كانت رافضة لها ، لكنها وضعت قيودا علي مصر ضيقت علاقاتها مع شقيقاتها وانتهت بتفريغ سيناء من القوات المصرية ، وحذر من هجمة غربية علي المراكز البحثية والحقوقية الداعمة للقضية الفلسطينية لتتكرر مأساة مركز زايد التابع للجامعة العربية والذي توقف نشاطه بعد احتلال العراق وسط صمت عربي علي خسارة المنطقة جهوده البحثية .

ونفي الدكتور عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ المعاصر بآداب حلوان وجود أي جدوي لاتفاقية السلام مع إسرائيل مؤكدا أن القيادة السياسية وقتها استبعدت أي حديث عن الحق الفلسطيني علي عكس ما يشاع من أن الفلسطينيين هم من تركوا مائدة المفاوضات ، وقال إن السلام بالمنطقة ظل مهددا بعد 29 عاما من الاتفاقية نتيجة إصرار إسرائيل علي ضرب الاستقرار وعدم إقامة دولة فلسطينية واحترام سيادة الدول علي أراضيها ، أما السلبيات الاجتماعية والاقتصادية لها فتمثلت في تصدير الغاز المدعم لإسرائيل دون سعر عالمي عادل ، مقابل استيراد الأغذية المسرطنة والتطبيع الاقتصادي الكامل باتفاقية تجارة حرة ، مع رفع العلم الإسرائيلي بالقاهرة كرمز للتمثيل الدبلوماسي لحكومتها وإنشاء مصانع وشركات لها في مصر مع سيطرتها علي عدد من الكتاب والصحفيين المروجين لفكرة التطبيع داخل مؤسساتهم .

وأكد الدكتور محمود عبد الظاهر الخبير بالشئون الاستراتيجية الإسرائيلية غياب مفهوم السلام عن العقل الجمعي الإسرائيلي لدرجة أن الإسرائيليين نسوا الاتفاقية وظلوا في عمليات اقتتال مع الفلسطينيين واللبنانيين ويرفضون ترك الجولان السورية المحتلة ، وقال إن نسبة 40 % من منتجات مصانع الكويز تأتي من إسرائيل وأكدها تقرير ناقشه الكنيست قبل أسابيع ، كما حذر من خطة إسرائيلية لتوطين الفلسطينيين بسيناء مقابل شريط حدودي لمصر في صحراء النقب ، وطالب الحكومة المصرية بملء الفراغ فيها ب 5 ملايين نسمة وزراعة أراضيها وتوزيعها علي الشباب درءا لمخاطر البطالة علي السلام الداخلي للمجتمع وحماية للبلاد من خطر الغزو ، كما طالب المؤرخين برد الاعتبار للقوات المصرية التي أشيع أنها تلقت تعليمات بالوقوف عند حدود معينة في سيناء لا تكتمل معها خطة تحريرها ، وكرر مطالب الباحثين الأكاديميين بعودة نشاط مركز زايد التابع للجامعة العربية لدعم القضية الفلسطينية وفكرة السلام بدراساته العلمية المحايدة .

وفي الجلسة الثانية حول ضمانات حماية الحريات والسلام المجتمعي بعد عام من التعديلات الدستورية ..

قال الدكتور فتحي فكري أستاذ القانون الدستوري إن التعديلات التي أصابت دستور 1971 في أعوام 1980 و 2005 و 2007 ، عظمت من صلاحيات رئيس الجمهورية علي حساب مجلس الشعب ، ومنحته حق حل البرلمان دون استفتاء كما سلبت اختصاصات رئيس الوزراء ليصبح رئيسا لاجتماعات المجلس فقط دون أن يصدر قرارات ، ونفي أن يكون الدستور الحالي نسخة من الدستور الفرنسي الذي حققت تعديلاته 12 مرة مصالح الشعب الفرنسي ، وأكد أن تعديلات المادة 76 اختصرت عدد مرشحي الرئاسة في 6 مرشحين فقط مع ضرورة حصول المرشح علي تزكية 65 نائبا بخلاف عدد من أعضاء المجالس المحلية ، وقال أن الصفة الانتخابية غابت عن مواد الدستور وتركت للقانون ليمنح مرشحي الحكومة دخول البرلمان ، أما حصانة نواب مجلس الشوري فتخالف مبدأ المساواة لعدم وجود دور تشريعي له وإدخال وزراء سابقين ورؤساء تحرير الصحف القومية تحت مظلته .

وأضاف أن انفراد اللجنة العليا للانتخابات بالعملية الانتخابية وتحصين قراراتها من النقض وعدم الدستورية يمثل اعتداء علي صلاحيات القضاء وينتهك صراحة نص المادة 68 من الدستور التي تخضع كل عمل للطعن أمام القضاء ، فيما تخالف المادة 179 من الدستور المواثيق الدولية المؤكدة علي استقلال السلطة القضائية لأنها تخلق نموذجا جديدا للقضاء الاستثنائي وتسمح بإحالة المدنيين للقضاء العسكري ومحاكم الطواريء التي لم تنقطع عن البلاد قبل أكثر من ربع قرن ، وأكد أن ” سيد قراره ” مرهون باحترام البرلمان للقانون ولا يجيز له قبول نائب مطعون علي شرعية انتخابه ، وطالب بالتخلص من الدستور الحالي وتعديلاته في أقرب فرصة لضمان تقدم الشعب المصري وسلامة أمنه وحماية استقرار مجتمعه .

وكشف الدكتور عماد الفقي أستاذ القانون الجنائي مخالفة النظام المواثيق الدولية بتغليب قضائه الاستثنائي علي الطبيعي والإبقاء علي محكمة الأحزاب ، وحذر من المزيد من العمليات الإرهابية الناتجة عن الفقر وقمع الحريات مؤكدا كفاية قانوني الإجراءات الجنائية والعقوبات لردع المجرمين وذوي النشاط الخطر علي الأمن العام ، مؤكدا أن قانون الإرهاب المحصن بالمادة 179 من الدستور يخالف المواد 41 و 44 و 45 منه بخلاف حرمان المحكمة الدستورية من إبداء الرأي فيه وإحالة المتهمين بمواده إلي المحاكم العسكرية ومساواة نواياهم مع ارتكابهم الجرائم الفعلية ، بما يؤكد إبتلاء مصر بترزية قوانين مهمتهم الإبقاء علي مصلحة النظام علي حساب الشعب .

وقال جورج إسحق المنسق العام السابق لحركة كفاية إن الدستور والقانون لا يسمع عنهم المتقاتلون علي رغيف الخبز ، وقال إن ” كفاية ” كانت الوحيدة صاحبة الرفض العلني لتعديلات الدستور العام الماضي وفي 2005 ، نافيا وجود فارق بين نظامي الاستفتاء علي مرشح الرئاسة وانتخابه بعد استبعاد الإشراف القضائي علي الانتخابات وقمع حق المواطنين في دخول المجالس المحلية التي تمر عبرها عملية إعداد مرشح الرئاسة رغم مخالفة إجراءاتها المواثيق الدولية ، وأضاف أن القضاء لإداري مازال ينظر طعن الحركة علي الاستفتاء علي تعديل المادة 76 رغم قبوله بتقارير نادي القضاة ، مؤكدا أن مجلس الشوري صار مكانا لحماية المطاردين أمام القضاء بحصانتهم غير المبررة داخله .

وكرر جورج مطالب الحركة بمرحلة انتقالية في حكم مصر لمدة عامين تشهد خلالهما تشكيل هيئة تأسيسية لدستور جديد ووزارة تجمع كل القوي الوطنية قبل إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في وجودها ، واصفا الإصلاح بالكلمة سيئة السمعة مع حاجة البلاد إلي التغيير كشعار للمرحلة التاريخية الحالية ، ونافيا حدوث توريث الحكم فيها لتغير موازين القوي داخل أجهزة السلطة ذاتها مع اقتراب توافق وطني علي تغيير النظام .

واتفق الحضور علي ضرورة تغليب مبررات صنع السلام المجتمعي عبر قوانين ودستور نزيه بعيدا عن الحسابات السياسية الخاصة بالحكومة أو المعارضة ، كما طالبوا بطرح أية قوانين علي حوار مجتمعي جاد وحقيقي واستعادة الإشراف القضائي الكامل علي الانتخابات العامة ضمانا لنزاهتها

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية