جولة الإعادة في انتخابات رئاسة جمهورية مصر العربية الخطاب العدائي يخيم على أجواء العملية الانتخابية

خلفية عن عملية وإجراءات المتابعة
تأسست شبكة الانتخابات في العالم العربي في عام 2006 حيث تضم في عضويتها 40 مؤسسة من مختلف المنظمات المعنية بالانتخابات من 11 دولة عربية ، وتنشط الشبكة في متابعة الانتخابات التي تجرى في الوطن العربي خلال السنوات الستة الماضية .
قام فريق من شبكة الانتخابات بالعالم العربي مكون من (40) متابع ميداني ينتمون إلى (14) دولة بمتابعة جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية المصرية التي أجريت خلال يومي 16-17 يونيه 2012 .
وقد قام فريق الشبكة بزيارة عدد من اللجان الانتخابية ببعض المحافظات المصرية وهي محافظات ( القاهرة – الجيزة – الشرقية – القليوبية – الدقهلية – المنوفية – الإسكندرية ) وذلك بعد تكوين فرق يضم كل منها ثلاث متابعين دوليين ، حيث تم تشكيل ثلاث فرق لكل محافظة من المحافظات فضلا عن وجود غرفة عمليات تضم عددا من المتابعين .
وقد اعتمدت منهجية عملية المتابعة على المشاهدات المباشرة للمتابعين وتلقي الإفادات من أصحاب المصلحة ( بدون التدخل في سير العملية الانتخابية ) وكذلك ملىء استمارة استبيان معدة سلفا ، وسوف يتم إجراء تحليل لنتائج هذه الاستمارة في التقرير الذي سيتم إصداره بعد نهاية المرحلة الثانية من الانتخابات .
خلفية عامة عن جولة الإعادة العملية الانتخابية في مصر
تعتبر هذه الانتخابات الرئاسية هي الأولى منذ ثورة 25 يناير 2011 ، والثانية في التاريخ المصري الحديث ، حيث أجريت أول انتخابات رئاسية في مصر عام 2005 وفاز فيها الرئيس السابق محمد حسني مبارك بعد منافسة وصفها الكثيرون بغير الجادة .
وقد أجريت الجولة الأولى للانتخابات خلال يومي 23 – 24 مايو 2012 وتنافس فيها (13) مرشحا يمثلون معظم ألوان الطيف السياسي في مصر ، وانتهت بإعلان حصول المرشح محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة الذي أسسته جماعة الإخوان المسلمين على حوالي (25%) من أصوات الناخبين ، وكذلك حصول المرشح أحمد شفيق المرشح المستقل الذي كان أخر من شغل منصب رئيس الوزراء في عهد احمد شفيق على حوالي 25% ليتم الإعادة فيما بينهم .
وتجري انتخابات رئاسة الجمهورية وفقا للإعلان الدستوري الصادر في مارس 2011 بعد استفتاء الشعب على بعض مواده ومن بينها المواد الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية ، وكذلك وفقا للقانون 174 لسنة 2005 والمعدل بالمرسوم رقم 12 لسنة 2012 والخاص بانتخابات رئاسة الجمهورية وقد أشرفت على إجراء العملية الانتخابية لجنة ذات تشكيل قضائي كامل .

م إسم المرشح الانتماء السياسي المعلن الأصوات التي حصل عليها في الجولة الأولى النسبة المئوية
1 أحمد شفيق مرشح مستقل – كان أخر رئيس وزراء قبل تنحي الرئيس السابق محمد حسني مبارك 5.505 مليون صوت 24.8
2 محمد مرسي قيادي كبير بجماعة الإخوان المسلمين ورئيس لحزب الحرية والعدالة الذي أسسته الجماعة بعد ثورة 25 يناير 5.764 مليون صوت 23.7

ملاحظات على العملية الانتخابية في جولة الإعادة
أولا :- المناخ القانوني والإجرائي والسياسي
لم يحدث تغييرا في المناخ القانوني والإجرائي الذي أجريت على أساسه جولة الإعادة عما كان عليه الحال في الجولة الأولى ، فقد أجريت الجولة في ظل الإعلان الدستوري الصادر في مارس 2011 والقانون 174 لسنة 2005 المعدل بالمرسوم رقم 12 لسنة 2012 ، وكنا قد ذكرنا في تقريرنا السابق أن هذه الأطر القانونية تعد إيجابية إلى حد بعيد فيما عدا بعض التخوفات المرتبطة بتحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات بمقتضى المادة 28 من الإعلان الدستوري .
التغييرات الأهم في هذه الجولة كانت على المستوى السياسي ، وذلك على خلفية بعض الأحكام القضائية التي صدرت خلال الأيام السابقة للانتخابات والتي تمثلت في :-
1. توصية ( غير ملزمة ولا تعد حكم قضائي ) من هيئة المفوضين بالقضاء الإداري المصري بعدم اختصاص اللجنة القضائية للانتخابات الرئاسية بإحالة تعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية إلى المحكمة الدستورية العليا .
2. قضاء المحكمة الدستورية العليا ببطلان القانون الذي أجريت على أساسه انتخابات مجلس الشعب ، ومن ثم بطلان المجلس ذاته .
3. صدور قرار من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحل مجلس الشغب بناءا على حكم المحكمة الدستورية العليا .
4. قضاء المحكمة الدستورية العليا ببطلان التعديلات التي أدخلها البرلمان على قانون مباشرة الحقوق السياسية وسميت بقانون العزل السياسي والتي كانت تستهدف المرشح الحالي أحمد شفيق
وقد لاحظ فريق الشبكة أن هذه التغيرات السياسية كان لها صدى واسع على الساحة المصرية قبل العملية الانتخابية مباشرة وأثنائها .وساهمت في إذكاء حالة من الاستقطاب السياسي الشديد أثناء العملية الانتخابية

ثانيا :- التنظيم الإداري وسلوك السلطة التنفيذية
تواصل السلوك الجيد لسلطة إدارة العملية الانتخابية ، حيث تميزت بدرجة عالية من الحياد والتنظيم الإداري الكفؤ واختفاء معظم الظواهر السلبية المرتبطة بالتنظيم الإداري التي رصدناها سابقا في انتخابات البرلمان ، كذلك شهد متابعوا الشبكة انحسار كبير جدا في مدى انتشار احد السلبيات التي رصدناها في الجولة الأولى وهي تأخر فتح بعض اللجان ، أو غياب المعلومات المتعلقة بإرشاد الناخبين .
كما يحسب لأجهزة الإدارة والتامين هذه المرة قيامهم بالتحرك الإيجابي نحو إزالة المخالفات والدعاية وملصقات المرشحين من أمام لجان الاقتراع ، وكذلك تدخل قوات الأمن القوى للقبض على من يخالفون قواعد الصمت الانتخابي أو يحاولون التأثير في إرادة الناخبين
وقد تلقينا بعض الإفادات تتعلق بعدم حيادية بعض موظفي لجان الاقتراع وقليل من القضاء رؤساء اللجان ، حيث ترددت أقوال عن دعمهم لمرشح معين على حساب آخر ، وإن كان فريق متابعي الشبكة لم يشهد وجودا محسوسا لهذه الظاهرة في المقرات التي تم زيارتها .
ثالثا :- المشاركة في العملية الانتخابية
هناك أكثر من 50 مليون ناخب مصري يحق لهم التصويت في العملية الانتخابية ، حيث تم بناء قاعدة بيانات الناخبين من واقع قاعدة بيانات الرقم القومي، وتم تحديث قاعدة البيانات لإضافة كل من بلغ من السن ١٨ عام وقام بإصدار بطاقة رقم قومي قبل تاريخ ٨ /٣ / ٢٠١٢ وحذف كل من ينطبق عليه شروط الإعفاء والمنع والحرمان من مباشرة الحقوق السياسية منها.
وقد شهدت الجولة الأولى لغطا متعلقا بما قيل وقتها عن قيام بعض الفئات المعفية بالتصويت ( مجندي القوات المسلحة) ، وقد تم نفي ذلك من مسئولي لجنة الانتخابات ، إلا أن ذلك ألقى بظلاله على العملية الانتخابية في جولة الإعادة .
ويحسب للسلطة التنفيذية في جولة الإعادة قيامها باعتبار يومي الاقتراع إجازة رسمية مدفوعة الأجر لتمكين الناخبين المغتربين من التصويت في الانتخابات ، وهو ما يعد استجابة لتوصيات الشبكة التي طالبنا بها في تقريرنا عن الجولة الأولى
وتشير الشواهد والمؤشرات أن نسب المشاركة في جولة الإعادة كانت منخفضة نسبيا ولا تختلف كثيرا عما كانت عليه في الجولة الأولى ، وهي بشكل عام نسب أقل من مثيلتها في الانتخابات البرلمانية
رابعا :- مخالفة قواعد الدعاية الانتخابية واختراق مرحلة الصمت
رصد متابعوا الشبكة خرقا من كلا المرشحين طرف جولة الإعادة للقواعد المنظمة للدعاية الانتخابية ، حيث كانت لغة الخطاب الدعائي بين الطرفين في غاية الحدة واستخدمت فيها عبارات إقصائية وتتضمن قدحا وسبا في الطرف الثاني وفي انتمائه السياسي .
رغم أن القانون 174 لسنة 2005 المعدل بالمرسوم رقم 12 لسنة 2012 يحظر القيام بأنشطة دعائية في اليوم السابق لجولة الإعادة إلا أن متابعي الشبكة رصدوا قيام أنصار المرشحين بخرق الحظر أمام عدد من اللجان والقيام بتوجيه الناخبين .
ولكن ما يحسب لجهة الإدارة والسلطة التنفيذية أنها تعاملت بشكل إيجابي مع هذه الخروقات وألقت القبض على معظم مرتكبيها وحولت عدد منهم لجهات الاختصاص ، كما أن اللجنة العليا للانتخابات مددت ولاية رؤساء اللجان لمسافة نصف كيلوا من اللجان لضمان عدم وجود خروقات .
وقد تلقى مسئولوا الشبكة إفادات فحواها استخدام عنصر المال على نطاق محدود سواء في صورة سلع تموينية أو في صورة مال نقدي يعطى للناخبين ، وكانت الشكاوى في هذا الشأن ترد من كلا الطرفين .
ملاحظات أخرى
1. رصد متابعوا الشبكة انتشار تخوفات متعلقة بتوزيع أقلام على الناخبين ذات حبر سري يزول بعد التصويت بنصف ساعة ، وقد أكدت هذه الواقعة تصريحات للجنة الانتخابات الرئاسية ، وهو ما يستلزم تحقيقا موسعا في مصدر هذه الأقلام .
2. تم اكتشاف بطاقات مسودة من منبعها ( المطابع الأميرية ) وهي هيئة حكومية ، وكانت معظم هذه البطاقات مسودة لصالح المرشح الدكتور محمد مرسى ، وكان البعض منها مسود لصالح المرشح أحمد شفيق ، وقد نجحت إدارة اللجان في اكتشاف معظم هذه الحالات .
الختام والتوصيات
ترى شبكة الانتخابات في العالم العربي أن جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية المصرية كانت تقترب إلى حد كبير من معايير النزاهة والحرية المتعارف عليها دوليا ، وتتميز بسلوك إداري جيد وحيادي وكفؤ بدرجة كبيرة .
لكن الشبكة ترى أن الخطاب الدعائي المتوتر بين كلا المرشحين وكذلك بعض الخروقات التي قام بها أنصارهما ليست أمرا محمودا على الإطلاق وتدعو كافة أطراف العمل السياسي في مصر بالارتفاع عن مستوى المهارات السياسية للمساهمة في الجهود الرامية إلى قطع خطوة للإمام على طريق الديمقراطية .
وفي هذا الإطار تقدم الشبكة بعض التوصيات المبدئية في ضوء مشاهداتنا خلال جولة الإعادة :-
1. تشديد الإجراءات القانونية على المخالفين لقواعد الصمت الانتخابي وكذلك على الدعاية التي تتضمن سبا وقدحا في المرشح الآخر .
2. قيام الإعلام بدور تنويري فيما يتعلق بقبول المواطنين لنتائج الانتخابات .
3. التحقيق في وقائع تسريب بطاقات سابقة التسويد وكذلك في واقعة الأقلام ذات الحبر السري

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية