تكشف عنها فضيحة المشهد الختامي لقضية التمويل الأجنبي: الحكومة تتعنت مع المنظمات المصرية الشرعية وتنحنى أمام المنظمات الأجنبية

في ظل مناخ ملتبس وأداء سياسي مرتبك استيقظ الشعب المصري على فضيحة صدور قرار قضائي- محاط بالشكوك – يقضي برفع حظر السفر على الرعايا الأجانب المتهمين في ما عرف بقضية التمويل الأجنبي والذين غادروا الأراضي المصرية فعلا بعد ساعات قليلة من صدور القرار ، وهو ما خلف وراءه غبارا كثيفا طال استقلالية القرار السياسي المصري من ناحية واستقلالية البيت القضائي المصري من ناحية ثانية .
ورغم وقوف مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان  منذ البداية في الصف المنادي بضرورة عدم تسييس القضية والتعامل مع الموضوع على إنه مخالفات إدارية يمكن تسويتها –  حيث لا يعدو الأمر كونه ممارسة أنشطة بدون ترخيص نتيجة تعنت الجهات الإدارية وتعقد الإجراءات القانونية – إلا أن المشهد الختامي في القضية كان يحمل من المأساوية والخطايا ما يفرض علينا ضرورة تجاوز مرحلة  الجدل الأولى لإعلان موقف واضح مما انتهت إليه الأحداث ، وفي هذا الإطار تود مؤسسة ماعت أن تعرض على الرأي العام ما يلي :-
1-    ما حدث هو انتهاك واضح لاستقلالية القضاء المصري يستوجب من كافة الأطراف المسئولة ( الحكومة – الأغلبية البرلمانية – المجلس العسكري – محكمة الاستئناف) تقديم أدلة  براءتهم منه ، وإلا فإنه لا التاريخ ولا الشعب المصري سيغفر هذا التدنيس  المتعمد للثوب القضائي ، وعلى هذه الأطراف أن تأخذ مما مضى عبرة لما يمكن أن يؤدي إليه سخط التاريخ وغضب الشعب .
2-    يتناقض موقف السلطات الإدارية والقضائية في مصر من الرعايا الأمريكيين المتهمين في قضايا إدارة منظمات بدون ترخيص   مع موقف نفس هذه السلطات من مسئولي المنظمات المصرية التي تعمل بترخيص ووفقا للقانون وتلتزم حرفيا بنصوصه حتى إنها أصبحت ” سجينة هذا القانون البالي  ، فمع المنظمات الأمريكية غير الشرعية – من وجهة النظر القانونية – تخترق كل القواعد القانونية ومعها استقلالية القضاء المصري ، أما مع المنظمات المصرية الشرعية فطريقة التعامل الوحيدة هي الضرب بسياط التعقيدات الإدارية والتعذيب على يد موظفي الشئون الاجتماعية الذين تتركز مهمتهم الرئيسية في منع المنظمات المصرية من ممارسة دورها الحقيقي .
1-    يتوفر لدى مؤسسة ماعت مثالا حيا على ازدواجية المعايير لدى سلطات الإدارة المصرية ودليلا دامغا على تعمد الوزارات المعنية وضع العراقيل أمام المنظمات الأهلية الشرعية ، فمؤسسة ماعت  حصلت على منحة فرعية من المنظمة الدولية للنظم  الانتخابية  (IFES) بهدف تنفيذ أنشطة للتوعية بانتخابات مجلس الشعب التي جرت خلال الفترة من نوفمبر 2011 وحتى يناير 2012 ، ومن منطلق حرصنا على الالتزام الحرفي بمواد القانون 84 فقد تأكدنا من حصول المنظمة المانحة على تصريح رسمي بالعمل في مصر والذي يحمل رقم 82 والصادر بتاريخ 6ديسمبر 2010  والذي ينتهي في 5 ديسمبر 2013
ثم قامت المؤسسة  بإخطار وزارة الشئون الاجتماعية بما تلقته وفقا للقانون  وانتظرنا انقضاء الفترة القانونية قبل البدء في إجراءات الصرف ، وقمنا  بجهد خارق ومحمود في سبل توعية آلاف  من المواطنين المصريين بأهمية الانتخابات ودفعهم للمشاركة وتعريفهم بكيفية التصويت وفقا للنظام الانتخابي المعتمد ، وهو ما ساهم في كثافة المشاركة الانتخابية للمواطنين وعبور مصر إلى مرحلة مهمة من مراحل التحول الديمقراطي المنشود .
فوجئت ماعت  بقيام إدارة الشئون الاجتماعية بدار السلام – وبعد انتهاء انتخابات مجلس الشعب – بإرسال خطاب تتساءل فيها عن المشروع هل بدأ أم لا ، كما تنبه عليها بعد الصرف من المنحة ، وما يثير الاستغراب في هذا الشأن هو أن وزارة الشئون الاجتماعية تقوم بعد انتهاء الانتخابات  بالتشديد على عدم الصرف من منحة مشروع مخصص أصلا لتنفيذ أنشطة قبل الانتخابات   وهو ما ينم عن تعنت غير مبرر ويحتاج لتفسير  وتوضيح لموقف الوزارة الحقيقي من الجمعيات الأهلية الشرعية التي تمارس عملا مكملا لعمل الحكومة وعمل اللجنة لقضائية العليا التي تشرف على الانتخابات ( والتي تلقت دعما من نفس  الجهة المانحة بغرض تنفيذ أنشطة توعية انتخابية وتوفير بعض التسهيلات الانتخابية )
3-    أوردت مؤسسة ماعت هذا المثال لتدلل فقط على أن موقف السلطات الإدارية في مصر يتخذ موقفا معاديا للمنظمات المدنية بشكل عام والحقوقية منها بشكل خاص ، لكن الفارق أنها على استعداد لتجاوز القانون والقفز على تعقيداته من أجل الأجانب ، أما بالنسبة للمصريين فلا ينتظرهم سوى التعقيد والملاحقة والتشكيك الدائم .
لذا فإن مؤسسة ماعت تطالب مجلس الشعب المنتخب بالقيام بدوره في تغيير القانون 84 لسنة 2002 المقيد لعمل المنظمات الأهلية في مصر  آخذا في الاعتبار المقترحات المقدمة بالفعل من منظمات أهلية مصرية ، كما أن على البرلمان أن يقوم بدوره في مساءلة حكومة الجنزوري ووزير العدل فيها عن تلك الفضيحة التي خرج بها المشهد الختامي في القضية ، وعلى مجلس القضاء الأعلى أن يتحرك هو الآخر باتجاه محاسبة القضاة المتورطين في هذا الأمر
وتبقى رسالة أخيرة توجهها ماعت لوزيرة الشئون الاجتماعية التي تقف موقفا غريبا وغير مفهوم ضد المنظمات الشرعية المصرية ، وتطالبها بأن تعطى بعض وقتها لمناقشة التعنت الإداري واللامنطقية في  التعامل من قبل مسئولي الإدارات والمديريات الواقعة تحت ولايتها ، كما تطالبها بأن تجعل التعامل مع المنظمات المصرية الشرعية تعاملا لا يجعل مسئولي هذه المنظمات يندمون على أنهم لم يحملوا جنسيات أجنبية .

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية