مقدمة:

يعد الحق في حرية الفكر والوجدان والدين من أسمى الحقوق المدنية التي كفلتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وقد ظل هذا الحق غير معترف به صراحة على أنه حق أساسي من حقوق الإنسان إلى أن تم اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948، حيث ضمنت المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الحق في حرية الفكر والوجدان والدين لجميع الأفراد، وهو ما يعني أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قد مثّل نقطة تحول هامة ومرحلة مهمة في تاريخ حرية الفكر والدين والمعتقد. وفي الواقع، قد كان هناك العديد من العوامل التي أثرت في إدراج المادة 18 في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أحد أبرز هذه العوامل هي تجربة الاضطهاد الديني الذي مارسه النازيون ضد الأقليات الدينية في أعقاب الحرب العالمية الثانية، حيث أراد واضعو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ضمان عدم تكرار مثل هذا الاضطهاد مستقبلًا.

وعلى الرغم من أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيره من المواثيق الدولية قد ضمن الحق في حرية الفكر والوجدان والدين لجميع الأفراد بما في ذلك حق الفرد في التمسك بأفكاره الخاصة، وتكوين معتقداته الخاصة، وتغيير دينه أو معتقده، والتعبير عن دينه أو معتقده ظاهريًا، وممارسة العبادة وفقًا لنظامه الديني، وأدء طقوسه الدينية، وممارسة شعائره الدينية، وتعليم معتقداته الدينية أو الفلسفية للآخرين، والمجاهرة بدينه أو معتقده بشكل فردي أو جماعي. مع ذلك، لا زال يواجه ملايين الأفراد حول العالم انتهاكات حقوقية جسيمة ذات صلة بالحق في حرية الفكر والوجدان والدين، حيث لا زالت العديد من الحكومات حول العالم تجبر ملايين الأشخاص على التحول إلى دين مختلف، وتحرمهم من حقهم في ممارسة شعائرهم الدينية، وتعرضهم للاضطهاد بسبب معتقداتهم الدينية.

 وفي خضم حملة 30 x 50)) التي تطلقها مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان للتوعية بمواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تقدم مؤسسة ماعت هذه الورقة التي تتناول فيها المادة رقم 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المعنية بحرية الفكر والوجدان والدين في محوريين أساسيين، يركز المحور الأول منها على التعريف بالمادة رقم 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في حين يركز المحور الثاني منها على أمثلة عالمية بارزة على انتهاكات حرية الفكر والوجدان والدين، وهو ما سوف نتناوله بشيء من التفصيل على النحو التالي: