الحق في الضمان الاجتماعي في دول النزاعات

مقدمة:

يُعرف الضمان الاجتماعى على أنه أى برنامج حماية اجتماعية تم وضعه بموجب التشريع، أو أى ترتيب إلزامى آخر، يوفر للأفراد درجة من أمن الدخل عندما يواجهون حالات طارئة تتعلق بالشيخوخة أو النجاة أو العجز أو الإعاقة أو البطالة أو تربية الأطفال، وقد يوفر أيضاً الرعاية العلاجية أو الوقائية، ووفقاً لتعريف الرابطة الدولية للضمان الاجتماعى؛ فمن الممكن أن يشتمل الضمان الاجتماعى على برامج التأمين الاجتماعى، وبرامج المساعدة الاجتماعية، والبرامج الشاملة، وخطط المنفعة المتبادلة، وصناديق الإدخار الوطنية، وتجدر الإشارة إلى أن الحق فى الضمان الاجتماعى يحظى بأهمية مركزية في ضمان الكرامة الإنسانية لجميع الأشخاص، وقد تم التسليم بالحق فى الضمان الاجتماعى فى العديد من صكوك حقوق الإنسان، وظهر ذلك جلياً فى إعلان فيلادلفيا لعام 1944، والذى دعا إلى “توسيع تدابير الضمان الاجتماعى لتوفير دخل أساسى لجميع الأشخاص المحتاجين لهذه الحماية وتوفير رعاية طبية شاملة، كما تم إدراج الضمان الاجتماعى كحق معترف به من حقوق الإنسان فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان لعام 1948، والذى ينص فى المادة رقم (22) منه على أن “لكل شخص بوصفه عضواً في المجتمع حق في الضمان الاجتماعي” وفي المادة 25 (1) على أن لكل شخص “الحق في ما يأمن به الغوائل في حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الترمل أو الشيخوخة أو غير ذلك نتيجة الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه”.

وفى سياق متصل، فقد تم إدراج الضمان الاجتماعى بعد ذلك في طائفة من معاهدات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية، فمثلاً نصت المادة (9) من العهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أن الدول الأطراف في هذا العهد تقر “بحق كل شخص في الضمان الاجتماعي، بما في ذلك التأمينات الاجتماعية”، ووفقاً للمادة 2 (1) فإنه يجب أن تتخذ الدول الأطراف في العهد تدابير فعالة، وأن تراجعها بصورة دورية عند الاقتضاء، بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة، من أجل إعمال حق جميع الأشخاص في الضمان الاجتماعي، بما في ذلك التأمينات الاجتماعية، دون أي تمييز، وتشير صياغة المادة (9) من العهد إلى أن التدابير التي يتعين استخدامها لتوفير استحقاقات الضمان الاجتماعي لا يمكن تعريفها في نطاق ضيق، ويجب أن تكفل، في جميع الأحوال، حداً أدنى من التمتع بهذا الحق من حقوق الإنسان لجميع الأشخاص، وفي عام 2001، أكد مؤتمر العمل الدولي، الذي ضم وفوداً من الدول تتألف من ممثلين للدول وأصحاب عمل وعمال، أن الضمان الاجتماعي هو “حق أساسي من حقوق الإنسان ووسيلة جوهرية لإيجاد التلاحم الاجتماعى”.

وبالرغم من الأهمية المتزايدة التى يحظى بها “الضمان الاجتماعى” إلا إنه وفقاً للتقديرات المتاحة، يحصل حوالى 50% من سكان العالم على شكل من أشكال الضمان الاجتماعى، فى حين يتمتع 20% فقط بتغطية كافية من الضمان الاجتماعى، ولذا فإن توسيع نطاق تغطية الضمان الاجتماعى يمثل تحدياً رئيسياً لأغلب دول العالم، ومع ذلك لا يمكن القيام بهذا دون معالجة قضايا السياسة العامة على نطاق أوسع، بما فى ذلك ارتفاع معدلات العمل فى الاقتصاد غير المنظم، وانخفاض مشاركة الإناث فى سوق العمل، وعدم الاستقرار السياسى، والصراعات الداخلية والخارجية، والنزوح وأزمات اللاجئين؛ حيث يولد كل ذلك ضغطاً كبيراً على قدرة أنظمة الحماية الاجتماعية، ويظهر ذلك التحدى جلياً فى بعض الدول العربية كاليمن وليبيا والسودان، والتى تعانى من أزمات متعددة ومتداخلة؛ أبرزها الصراعات وعدم الاستقرار السياسى والتى أثرت سلباً على قدرة أنظمة الحماية الاجتماعية فى تلك البلدان، وأعجزت قدرة تلك الدول على توفير حماية كافية من الفقر والضعف المتزايدين.

وفى ضوء ما سبق، تسلط مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان فى هذا التقرير الضوء على الحق فى الضمان الاجتماعى كواحد من بين حقوق الإنسان الأساسية وذلك في إطار حملتهًا 50×30 حقوق الإنسان للجميع التي أطلقتهًا مؤسسة ماعت طوال عام 2023 وتختتمها في 10 ديسمبر 2023 وهو الموعد التي تحل فيه الذكري الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية