الحق في التعليم في دول النزاعات ومناطق الحروب

مقدمة:

الحق في التعليم هو أحد حقوق الإنسان الأساسية بغض النظر عن العرق، أو الجنس، أو الجنسية، أو المكانة الاجتماعية، أو الدين، أو الميول السياسية، أو العمر، أو الإعاقة، وقد كفلت عدد من  المواثيق والمعاهدات الدولية والإقليمية الحق فى التعليم؛ ويؤدي أعمال الحق في التعليم إلي انفاذ حقوق أخري، فبدون التعليم الكاف والمناسب لا يستطيع الإنسان أن يدرك حقوقه الأخرى، ولا أن يقوم يتمييز حالات انتهاك حقوق الإنسان، ولا يمكنه أن يدافع عن تلك الحقوق، فمن المعروف أن التعليم ذو قيمة جوهرية كبرى باعتباره الأداة الأكثر فعالية للتمكين الشخصى وجزء لا يتجزأ من كرامة الإنسان، فضلاً عن أنه يُعتبر حق أصيل من حقوق الإنسان الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المتعددة الأوجه؛ فهو حق اجتماعى لأنه فى سياق المجتمع يعزز التنمية الكاملة لشخصية الإنسان، وحق اقتصادى لأنه يسهل الاكتفاء الذاتى الاقتصادى من خلال العمل، وحق ثقافى لأن المجتمع الدولى وجه التعليم نحو بناء ثقافة عالمية لحقوق الإنسان، وباختصار يُعتبر التعليم هو الشرط الأساسى للفرد ليعمل بشكل كامل كإنسان في المجتمع الحديث.

وفى ذات السياق، فقد تم التأكيد على ضمان الحق فى التعليم فى عدد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وتم إدراج الحق فى التعليم فى العديد من المعاهدات الإقليمية، وتم تكريسه كحق فى غالبية الدساتير الوطنية، ويمكن القول أن الإعلان العالمى لحقوق الإنسان لعام 1948، وبالرغم من عدم إلزاميته القانونية، إلا أنه أشار بشكل واضح وصريح إلى الحق فى التعليم؛ حيث نصت المادة (26) منه على أنه “لكل شخص حق فى التعليم، ويجب أن يُوفر التعليمُ مجاناً، على الأقل في مرحلتيه الابتدائية والأساسية، ويكون التعليمُ الابتدائيُّ إلزامياً. ويكون التعليمُ الفنِّي والمهني متاحاً للعموم، ويكون التعليمُ العالي مُتاحاً للجميع تبعاً لكفاءتهم”، وقد أشارت المادة (13) من العهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966، إلى الحق فى التعليم، وضرورة إقرار الدول الأطراف بضمان تمكين هذا الحق لكل فرد، وكذلك وجوب توجيه التعليم إلى الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية والكرامة وتوطيد احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، كما أن الحق فى التعليم، هو من بين اهداف التنمية المستدامة 2030 حيث ينص الهدف الرابع من الأجندى علي ضمان التعليم الجيد والمنصف والشامل للجميع

وفى المقابل، وعلى الرغم من أن الغالبية العظمى من دول العالم صادقت على العديد من المعاهدات الدولية والإقليمية التى تنص على إعمال الحق الكامل فى التعليم؛ إلا أنه لا يزال الملايين حول العالم محرومون من الفرص التعليمية نظراً لنقص الموارد والقدرة والإرادة السياسية، فضلاً عن عدم توفر الأطر التشريعية والإدارية المناسبة لضمان إعمال الحق فى التعليم وتطبيقه فى الواقع العملى، وفى هذا الصدد يجب أن نشير إلى أن حماية الحق فى التعليم فى ظل ظروف النزاعات المسلحة وانعدام الأمن فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بات تحدياً صعباً، وخاصة أن العديد من النزاعات والحروب لا تزال مستمرة بالعديد من بلدان المنطقة العربية؛ كاليمن والسودان وسوريا وليبيا، ومؤخراً زادت الهجمات الغاشمة التى يقوم بها الاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة من تعطيل العملية التعليمية بشكل شبه كامل في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفى قطاع غزة بشكل خاص؛ حيث يتم استهداف الأبنية والمرافق التعليمة والتى تؤدى إلى خروج العديد من المدارس عن العمل، وذلك إلى جانب عدة عوامل أخرى كالفقر والاقتصاد المتدنى وزواج القاصرات وعمالة الأطفال.

وفى ضوء ما سبق، وفي إطار حملة 50×30 التي أطلقتها مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان في 10 ديسمبر 2022 للتوعية بالمواد الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمستمرة حتى 10 ديسمبر 2023 وهو موعد الذكري الخامسة والسبعين للأحتفال بالإعلان تركز مؤسسة ماعت في هذا التقرير على المادة 26 من الإعلان العالمي والانتهاكات التي يتعرض لها هذا الحق في عدد من دول النزاعات والحروب.

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية