الإعدام ليس ضرورة إجتماعية

مقدمة
إن الإعدام ليس بعقوبة، أنها جريمة. جريمة بحق البشرية جمعاء وليس بحق من يطالبه حكم الإعدام فقط. أنها جريمة بحقنا نحن الأحياء قبل أن تكون بحق من تنفذ ضده وهي دلالة ومقياس على انعدام احترام النفس و الحق في الحياة ودلالة وشاهد على مدى تدني مكانة واحترام وقدسية “الإنسانية” . إن الحكام، ولكي تضفي طابعاً من “القانونية” و”العدل القضائي وغير القضائي” على جريمة قتل النفس هذه، تسميها في تشريعاتها “عقوبة الإعدام” وتشيعه في أذهان البشر كأنه شيء طبيعي وعادي. فسعي الهيئات الحاكمة لتلطيف هذه الجريمة عبر تسميتها بعقوبة لهو عمل مرائي ومخادع. إن المرء يقتل آخر ويسمى قاتل ومجرم ، بيد أن الدولة تقتل هي الأخرى باسم الإعدام!! رغم هذا، أنهما (أي القتل والإعدام) لا يقفان على قدم المساواة ولا يمكن النظر لهما كأمر واحد. إن “عقوبة الإعدام” لهي أبشع بمئات المرات من القتل. انه قتل مع سبق الإصرار والترصد، قتل وضعت الدولة له ساعة محددة. تقوم بذلك بادراك تام رغم ما تعلمه لما سيخلق من أسى وحزن لأطفال، لأحباء ، لأسرة المحكوم عليه بالإعدام وللآخرين، بادراك تام لهول مشاعر وأحاسيس الضحية العصية على الوصف. فإنها تقتل إنسان عاجز تماماً عن عمل أي شيء إذ بوسع القتيل أن يقاوم، يدافع عن نفسه، يهرب، يستنجد بأحد ما، يصرخ، يلحق نوع من الضرر الجسدي بالمعتدي، يترك اثر ما لعل الدولة تجده فتتعقب على أساسه المجرم، بيد أن من يعاقب بالإعدام عاجز عن القيام بأي من هذه الأمور الأولية والبسيطة لإنقاذ حياته و على الأقل إن القتيل، ولحين موته، لديه أمل ما إن شخص ما، يد ما، سواء بالصدفة أم بغيرها، قد تنقذه وينتهي هذا الكابوس المؤرق ، بيد أن المحكوم عليه بالإعدام”المعدوم” لا يساوره حتى هذا الأمل البسيط! إن المحكوم عليه بالإعدام عاجز حتى عن الأمل بان تراود الدولة مشاعر تأنيب الضمير والندم، وفي بعض الأحيان، الخبل والتعاسة التي ترافق القاتلين بعد لحظات من انقضاء أنفاس صريعهم، وهو الأمر المألوف عادة!! فأية بشاعة وأية حزن!!

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية