فى غياب الناخبين  تجاوزات وانتهاكات بالجملة فهل يصنع صوت الناخب ….. فرقا ؟؟؟ ـ التقرير الأول ـ

 فى غياب الناخبين  تجاوزات وانتهاكات بالجملة

فهل يصنع صوت الناخب ….. فرقا ؟؟؟

ـ التقرير الأول ـ

يمثل مشروع (صوت الناخب ) امتداداً لرؤية مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية الساعية إلي استحداث أشكال جديدة من الرقابة تدعم وجهات النظر الداعية لتفعيل دور منظمات المجتمع المدني في مراقبة الانتخابات وتكشف عن أوجه العوار والتجاوز التي قد تمارس خلال العملية الانتخابية عن عمد أو دون قصد ،  وفي ذات الوقت يمثل الشكل الرقابي بما يحمله من موضوعية رداً علي من يشكك أو يتشكك في جدواها.

وقد كانت البداية من خلال الشراكة التي قام بها المركز مع مؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدني وجمعية التنمية الإنسانية بالمنصورة لتنفيذ مشروع ( الرقابة من أجل المشاركة) الذي تم تنفيذه بشكل طوعي ودون أي تمويل لمراقبة أداءات المراقبين ومدي التزامهم بمعايير الرقابة التي تنتهجها وتطالب بها المؤسسات الدولية خلال انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى (يونيه2007) .

وتعتمد الإستراتيجية التنفيذية لمشروع صوت الناخب علي مراقبة الانتخابات المحلية في عدد 94 دائرة انتخابية تنتشر داخل 21 محافظة وذلك من خلال 940 مراقب ميدانياً وعدد 94 منسقاً يعملون علي رصد وتوثيق فعاليات العملية الانتخابية بعيون الناخب وعبر صوته الذي يحلل ويبدي وجهات نظره في الحالة التنافسية للمرشحين وهل يشعر أنها لصالحه أم لمصالح خاصة وذاتية للمتنافسين فقط.

وعلي هذا الأساس فالمراقب في مشروع صوت الناخب لا يسعي لمراقبة الصناديق أو الإجراءات الانتخابية بشكل مباشر وإنما يحقق هدفه من خلال الناخبين الذين يشاركون عبر الإدلاء بأصواتهم في العملية الانتخابية ويستطيعون أن يحددوا مدي تأثير الإجراءات أو الانتهاكات علي مشاركتهم وانحيازاتهم التصويتية وكيف يمكن التغلب عليها لضمان مزيد من المشاركة والقدرة علي تحقيق عملية التنمية عبر التكاتف المجتمعي.

وفي إطار تنفيذ مشروع صوت الناخب يصدر المركز تقريره الأول عن انتخابات المحليات ( ابريل 2008) والذي يرصد ويحلل من خلاله للأداءات المختلفة للأطراف المشاركة والتي يبدي نحوها الملاحظات التالية:

أولاً : أجريت آخر انتخابات شعبية محلية في الثامن من أبريل 2002 بهدف شغل 49الف و522 مقعداً موزعة علي النحو التالي 3230 عضو علي مستوي المجالس الشعبية للمحافظات و13302 عضو علي مستوي المجالس الشعبية للمراكز و5168 عضو علي مستوي المجالس الشعبية المدن و1374 عضو علي مستوي المجالس الشعبية للأحياء و 26448 عضو علي مستوي المجالس الشعبية للقرى وهي المقاعد التي ترشح لها 59708 موزعين علي كافة القوي السياسية وان حسم منها 25804 مقعد بالتزكية بما يعادل 52.1%من إجمالي المقاعد لتجري الانتخابات علي بقية المقاعد ليظهر من خلال النتائج النهائية توزع المقاعد بين القوي السياسية بحصول الحزب الوطني علي 45943 مقعد بنسبة 97% وحزب الوفد علي 142 مقعد بنسبة 0.3% وحزب التجمع 8 مقاعد بنسبة 0.02% والحزب الناصري 8 مقاعد بنسبة 0.02%وحزب مصر الفتاة مقعد واحد وحزب الأحرار 5 مقاعد بنسبة 0.01% أما المستقلين فحصلوا علي 1239 مقعد بنسبة 2.6%.

ثانياً :  كان من المفترض أن تجري انتخابات المحليات خلال عام 2006 باعتبار أن القانون 43 لسنة 1979  الخاص بالإدارة المحلية قد حدد مدة دورة المجلس   بأربع سنوات إلا أن نتائج مجلس الشعب 2005 ونجاح تيار الإخوان المسلمين في الظهور كبديل محتمل للنظام القائم أدي إلي التردد في إجراء الانتخابات حتى حسم الأمر بناءاً علي اقتراح تقدم به نواب الحزب الوطني لمجلس الشعب في جلسة 15 فبراير 2006 بتأجيل الانتخابات المحلية لمدة عامين لحين الانتهاء من إصدار قانون جديد يدعم اللامركزية والإدارة المحلية بعد التعديلات الدستورية (مادة 76) وهو ما لم يتم حتى اليوم رغم مبادرة التعديلات الدستورية الثانية بتعديل 34 مادة من الدستور والتي كان أحد مبرراتها دعم المحليات واللامركزية في الحكم عن طريق نقل صلاحيات السلطة المركزية إلي القطاعات المحلية في المحافظات وهو مبرر رغم ما يحمله من أهمية إلا أنه لم يتم التعامل معه بالجدية المفترضة أو المطلوبة بما يجعل من الضروري العمل علي إجراء حوار مجتمعي ضاغط لصالح إصدار قانون جديد للمحليات يدعم المشاركة الشعبية وينهى حالة التقوقع المركزى للخدمات والمصالح القومية فى مدينة واحدة تمثل العاصمة السياسية للبلاد .

ثالثاً: ينظم عمل المجالس المحلية القانون رقم 43 لسنة 1979  وتعديلاته المتتالية بالقانون رقم 49 لسنة 1981 والقانون رقم 145 لسنة 1988 والقانون 9 لسنة 1989 والقانون رقم 84 لسنة 1996 الأمر الذي يوضح غياب الرؤية المتكاملة والواضحة لعمل المجالس المحلية والهدف من ورائها في ظل مقارنتها بمجالس المديريات حيث يظهر من خلال نقد القانون الحالى مدي العوار المعيب الذي يفقد المجالس المحلية هيبتها المفترضة حيث خلت أدوات الرقابة المتاحة أعضاء المجالس المحلية من حق الاستجواب للمسئولين في الجهاز التنفيذي علاوة علي اقتصار دور المجلس علي الرقابة دون الإدارة مما جعل قرارات المجالس عبارة عن توصيات يغلب عدم تنفيذها في الوقت الذي انحاز فيه القانون عند حدوث أي خلاف لصالح السلطة التنفيذية فمنح لرئيس مجلس الوزراء والمحافظين الحق في حل المجالس المحلية دون معايير محددة لاستخدام هذا الحق ودون أن يقابله أي إجراء محاسبي يمكن لتلك المجالس استخدامه للرقابة علي السلطة التنفيذية مما أفقد المجالس فعاليتها أو قدرتها علي تنفيذ مشروعاتها النهوضية والتي كان سببها في كثير من الحالات النظام الانتخابي الغريب الذي يلزم الناخب علي التصويت لصالح 44 مرشح قد لا يتمكن من التعرف عليهم أو التواصل مع برامجهم الانتخابية ليصل في كثير من الحالات أشخاص ليسوا أهلاً للمواقع التي انتخبوا لها وزاد من درجة التخبط والفساد وعدم القدرة علي تقديم حلول موضوعية للمشكلات وهو ما اعترفت به قيادات عليا في السلطة التنفيذية والحزب الحاكم علي حد سواء.

رابعاً: تجري انتخابات المحليات في غياب اللجنة العليا للانتخابات التي نظم دورها القانون رقم 18 لسنة 2007 فرغم النص الواضح للجنة في الإشراف علي الانتخابات التشريعية لمجلسى الشعب والشورى إلا أنه جري إغفال أى ذكر لانتخابات المحليات لتنفرد السلطة التنفيذية بتحديد مواعيدها وإعلان نتائجها دون مبرر واضح يبرر السبب في إنشاء اللجنة العليا أو على الأقل تجاهل امتداد دورها الإشرافي علي للمحليات والتي توزعت إدارة انتخاباتها بين وزارة الداخلية ووزارة التنمية المحلية ممثلة في المحافظين الذين يتحكمون بقراراتهم في تشكيل لجان تلقي طلبات الترشيح ولجان الطعون وإدارة عملية التصويت وإعلان النتائج ودعوة المجالس للانعقاد بحيث نجد أنه من المستحيل تخيل إمكانية محاسبة السلطة التنفيذية أو القيام بأعمال الرقابة عليها وفي يدها كل تلك الصلاحيات.

خامساً: بمجرد صدور القرار الجمهوري رقم 55 لسنة 2008 في 13 فبراير 2008 بدعوة الناخبين المقيدة أسماؤهم في جداول الانتخاب لاختيار أعضاء المجالس الشعبية المحلية يوم الثلاثاء الموافق 8/4/2008 أصدر وزير الداخلية القرار رقم 358 لسنة 2008 بتحديد المستندات المطلوبة مع طلب الترشيح لعضوية المجالس الشعبية المحلية وبعدها أصدر القرار رقم 359 لسنة 2008 بشأن الضوابط القانونية لتنظيم الدعاية الانتخابية والذي منع استخدام الشعارات الدينية أو استخدام أماكن العبادة والأماكن المملوكة للدولة في الدعاية التي تم تحديد سقفها الأعلى بعشرين ألف جنيه فقط مهما كان المقعد المترشح عليه .

وأعلن بعدها وزير التنمية المحلية محمد عبد السلام المحجوب أن المحافظين أصدروا قراراتهم بفتح باب الترشيح لعضوية المجالس المحلية من الثلاثاء 4 مارس 2008 لمدة عشرة أيام تنتهي الخميس 13 مارس 2008 علي أن يكون إعلان لكشوف النهائية للمرشحين الأحد 23 مارس 2008 .

سادساً: غياب المعلومات الواضحة والمحددة عن الانتخابات أو أعداد المرشحين دون وجود أي مصدر يمكن الرجوع إليه حتى وزارة التنمية المحلية ومجلس الوزراء والهيئة العامة للاستعلامات تجاهلت مواقعها الالكترونية العملية الانتخابية ولم يعلن حتى اليوم أي بيان رسمي عن أعداد المرشحين أو أسمائهم وصفاتهم وهو ما يعد غريباً وغير مبرر سوي في إظهار رغبة في الانفراد بالعملية وميل للوصول بها لنتائج محددة.

سابعاً: منذ اليوم الأول لتقديم طلبات الترشيح وضحت الانتهاكات المتزايدة ضد الراغبين في تقديم أوراق ترشيحهم حيث ظهرت الطوابير الوهمية التي تعوق أي مرشح وتجعله يقف في ترتيب بعيد عن مكان تقديم الطلبات وحتى نهاية الموعد المحدد يوميا لتلقى الطلبات وهي ظاهرة اشتكي منها جميع المرشحين المستقلين أو أعضاء القوي السياسية المعارضة وهي طوابير تشكلت في الأغلب من المشبوهين وأرباب السوابق الذين لجاءوا كثيراً للبلطجة والاعتداء علي المرشحين مثلما حدث مع مرشح التجمع بالقليوبية محمود عبده ومع محمود عبد اللطيف قطب ابن عضو مجلس الشعب عن الإخوان المسلمين الذي تقدم للترشيح ببني سويف ومرشحي الوفد بالمنوفية إضافة إلي فرض المحافظين لرسوم نظافة إجبارية مقدارها 1000جنيه علي كل مرشح مما أدي إلي عرقلة ترشيح العديد من الراغبين رغم صدور أحكام نهائية من محكمة القضاء الإداري بإلغاء تلك الرسوم لعدم قانونيتها وكذلك كان من الانتهاكات عرقلة حصول المرشحين علي المستندات المطلوبة مثل شهادة الصفة وصحيفة الأحوال الجنائية الأمر الذي أظهر إنحيازات واضحة للسلطة التنفيذية في الانتخابات.

ثامناً: رسخت انتخابات المحليات لحالة الانقسام التي يشهدها الحزب الوطني منذ فترة في إطار الصراع بين تيار الإصلاح والقيادات القديمة حيث وجهت الاتهامات المتتالية للمهندس أحمد عز بالانفراد بقوائم المرشحين وفرض رجاله عليها والتي ظهرت إرهاصاتها في تحديد نسبة اختيارات الوحدات القاعدية للمرشحين بـ 70 % وترك 30% للقيادات وهي العملية التي أعلن الأمين العام للحزب صفوت الشريف عن عقد مؤتمراتها في 2900 وحدة حزبية بمشاركة 400000 عضو إلا أن اتهامات عديدة بعدم الالتزام بنتائجها وجهت للقيادات مثلما حدث مع عضو الحزب سمير التلباني الذي يؤكد حصوله علي 5960 صوتا ورغم ذلك تجاهلته ترشيحات الحزب لتتوالي الاحتجاجات في مختلف محافظات مصر بعد استبعاد أسماء ورموز لها ثقلها في المحافظات .

حيث تم استبعاد سعد الحفيان رئيس مجلس محلي مطروح الذي وصف ما يحدث بأنه قرصنة وسعد عيد رئيس مجلس محلي الإسماعيلية وياسين نجيده وكيل المجلس وأحمد عبد الغني حسن رئيس مجلس محلي سوهاج وعلاء فاروق وكيل مجلس محلي البحر الأحمر وغيرهم لتشتعل المحافظات بالاحتجاجات والاستقالات فيتظاهر 30 من أعضاء الحزب بكوم حمادة أمام المقر الرئيسى ويرسل 12 قيادي بالبحيرة خطاباً لرئيس الحزب ( محمد حسنى مبارك ) يطالبونه بالتدخل ويتقدم 800 من أعضاء الحزب الوطني بالدقهلية باستقالتهم احتجاجا علي مهازل الترشيحات و 100 عضو بالغربية و 241 عضو بدمياط و 120 عضو بجنوب سيناء و 50 عضو بالشرقية ويطالب المستقيلين بمحاسبة وإقالة أمناء الحزب المسئولين عن كل ما حدث مثل صلاح غنيم أمين دمياط وسعد الدالي أمين الغردقة وحسن عدس أمين الإسماعيلية ومصطفي عقل أمين الدقهلية وأحمد عتمان أمين البحيرة والمستشار وليد رحمي أمين البحر الأحمر ورضا النجار أمين التنظيم .

وصعد نواب الوطني الأمر بتقديم عدد منهم لاستقالتهم أو طلبات بتجميد عضويتهم فى الحزب فقدم محمود سليم عضو مجلس الشعب بالإسماعيلية استقالته احتجاجا علي ترشيحات حسن عدس لأشخاص غير مرغوبين وتقدم نصحي علي حسن البسنديلي باستقالته احتجاجا علي ترشيحات مصطفي عقل أمين الدقهلية والذي حاول حارسه الخاص الاعتداء علي العضو داخل مكتب المحافظ وقام نواب مجلس الشعب والشورى ( شدول توفيق – محمد عبد المقصود – حسني أحمد حنفي – أوديد عوض الله – سيد قاسم – علي حمدون) بالبحر الأحمر بتجميد عضويتهم في الحزب لحين إقالة المستشار وليد رحمي أمين المحافظ ورضا النجار أمين التنظيم احتجاجا علي تجاهلهم لقبائل العبابدة والبشارية والأشراف والبراهمة في ترشيحات الحزب وهدد 9 نواب الوطني بالبحيرة بتجميد عضويتهم إذا لم تتم إقالة أحمد عتمان أمين المحافظة .

وهي ترشيحات شابها الكثير من العوار لوجود أشخاص علي قوائم الحزب تدور حولهم الشبهات حيث رشح الوطني علي قوائمه بالدقهلية كرم محمد علي حسين يوسف المحبوس في سجن ميت غمر علي ذمة القضية (8288) لسنة 2007 جنح مستأنف تزوير  ورشح الحزب إبراهيم أحمد حمدتو  الذي صدرت ضده أحكاما متعددة في جرائم إصدار شيكات بدون رصيد منها القضية رقم 12052 لسنة 2001 جنح بيلا إضافة للقبض علي المرشح ممدوح السمان بدائرة دار السلام أثناء تلقيه رشوة وهي كلها وقائع رأي أعضاء الحزب الغاضبين أنها تنتقص من مكانه الحزب وقدرته علي تحقيق الانتصار الساحق في الانتخابات المحلية الأمر الذي جعلهم يتقدمون ببلاغات ضد قيادات الحزب فتقدم جابر عبد الصادق محمد لعمل محضر في مركز شرطة ادفو برقم 1348 لسنة 2008 اتهم فيه أمانة المحافظة بالضحك علي المرشحين بعد سدادهم الرسوم المقررة لترشيح وأقام عبد اللطيف طولان عضو مجلس محلي الشهداء دعوي قضائية طالب فيها أمين الحزب بالمنوفية بتعويض قدره مليون جنيه وتقدم رموز قبائل البحر الأحمر ببلاغ للمحامي العام لنيابات البحر الأحمر ضد الحزب الوطني اتهم رموز القبائل فيه أمين الحزب بالمحافظة وأمين التنظيم بالاستيلاء علي ملفات ترشيح أبناء القبائل لمنعهم من الترشيح إضافة لانحياز سعد الدالي أمين الغردقة لقبيلته التي رشح منها تسعة مرشحين في الغردقة فقط وأعلنت د/ حنان الحويري عضو الحزب بأسوان الاعتصام بمكتب أمين التنظيم أحمد عز  وسط تضامن 6 من نواب الشعب والشورى معها وهو الغضب الذي انتقل للأقباط الذين احتجوا علي عدم ترشيح أي مرشح قبطي بالمنوفية رغم تقدم 6 منهم بأوراقهم وقام مثلوا ثلاث كنائس وعضو بالمجلس المحلي بالمنصورة بتقديم مذكرة احتجاج للرئيس مبارك احتجاجا علي تجاهل قيادات الدقهلية لترشيح الأنبا داود أسقف المنصورة على قوائم الوطني وهو ما تسبب في اعتراض 6 كنائس للأقباط الارثوذكى بالمنصورة (العذراء –القديسة دميانة – الشهيد اسطفانوس – الأنبا بولا – مار جرجس) .

إن الأزمات التي تفجرت داخل الحزب الوطني بانتهاء مرحلة تقديم طلبات الترشيح والغضب الذي تسببت فيه الاختيارات والذي شمل جميع الفئات التي كان الوطني حريص عليها مثل القبائل والأقباط والمرأة تظهر مدى الأزمة التي يمر بها الحزب وخطورة ردود الأفعال التي استخدمت أشكال جديدة على الحزب مثل الاعتصامات والقضايا وتجميد العضوية وهى أمور تجعل من الضروري إجراء حوار داخلي شامل يعيد للحزب وحدته وتماسكه الذي تأثر كثير ا بما يمر به من أحداث .

تاسعا: أظهرت المحليات بشكل واضح مدى الأزمة التي تعانى منها قوى المعارضة الرسمية والتي يظهر في كل جولة انتخابية مدى عزلتها عن الشارع المصري وعدم قدرتها على التواصل معه أو تقديم مرشحين لا نقول قادرين على الفوز بل على الأقل قادرين على استكمال العدد المطلوب لكل الدوائر الانتخابية  فعجزت  جميع الأحزاب عدا الوطني عن تقديم مرشحين يغطون الدوائر الانتخابية أو على الأقل 1% من تلك الدوائر فأكثر الأحزاب  ترشيحا وهو حزب الوفد قدم 573 مرشح من إجمالي 52 ألف مقعد تقريبا  بعد أن وعد بتقديم 1770 مرشح وحزب التجمع رشح 227مرشح بعد أن وعد بتقديم 600 مرشح في 22 محافظة  والحزب الناصري رشح148 مرشح في 16 محافظة بعد أن وعد بتقديم 500مرشح وحزب الجيل رشح 92مرشح في 10 محافظات بعد أن وعد بتقديم 220 مرشح وحزب الغد رشح 100 مرشح وحزب شباب مصر رشح12 مرشح في 3 محافظات بعد أن وعد بترشيح 300 مرشح أما حزب الوفاق القومي فقال بأنة سيرشح30 مرشح في 6 محافظات إلا أنة فشل وانسحب وهو ما حدث مع حزب التكافل الذي فشل في تقديم أي مرشح الأمر الذي يوضح مدى عمق الأزمة وصعوبة تخيل حياة حزبية  يتصارع فيها 24 حزبا سياسيا على السلطة (أو هكذا يفترض) وتفشل جميعها عدا الحزب الحاكم في تغطية الدوائر الانتخابية التي تجرى فيها الانتخابات.

وقد عانت المعارضة رغم ضعفها الواضح من الانتهاكات الشديدة أثناء فترة تقديم طلبات الترشيح بسبب التعنت في استخراج الأوراق الرسمية مثل صحيفة الحالة الجنائية والطوابير الوهمية التي كانت تغلق مداخل لجان تلقى الطلبات والتي تكونت من أرباب السوابق والمسجلين خطرين الذين اعتدوا على مرشحي المعارضة وقاموا بتمزيق أوراق ترشيحهم فتعرض  النائب الوفدي صلاح الصايغ ومعه عشرون  مرشحا وفديا للاعتداء عليهم داخل ديوان المحافظة بالإسماعيلية عند تقديم أوراق ترشيحهم والاعتداء العنيف على مرشحي الوفد بالمنوفية الذي جعل لجنة الحزب بالمحافظة  تعلن انسحابها نهائيا وتطالب قيادة الحزب بمقاطعة الانتخابات .

والاعتداء على مرشحي الحزب الناصري على عبده المالحى ومحمد زكى بدمياط ومنعهم من الترشيح وسحل محمود عبده مرشح التجمع أمام ديوان محافظة القليوبية وسرقة حقيبته وبها أوراقه ومتعلقاته ونقوده أمام رجال الأمن الذين رفضوا تحرير محضر له عن الاعتداء وقيام سيارة مجهولة بصدم السيد محمود عبد السميع مرشح الوفد بالقناطر .

ولم تقف الانتهاكات عند العنف وعرقلة الترشيح إذ شكلت لجان تلقى طلبات الترشيح نفسها عائقا جديدا أمام مرشحي المعارضة ففي شمال سيناء هدد المستقلون والمعارضون بالاعتصام في مكاتب تلقى طلبات الترشيح بسبب الرسوم الإجبارية وإصرار اللجنة على حجز الأرقام الأولى من   1 إلى 14  لصالح مرشحي الوطني كما رفضت اللجان في الفيوم منح المرشحين إيصالات دالة علي تقديمهم أوراق الترشيح  بدعوي إن إيصالات سداد الرسوم كافية وفي كفر الشيخ رفضت اللجان تسلم 160 إنذارا علي يد محضرين لتمكين المرشحين الراغبين في الترشيح من تقديم أوراقهم وفي الإسماعيلية قام مرشحو المعارضة بتوجيه إنذار علي يد محضر ضد المستشار مجدي الابياري رئيس لجنة الطعون لتمكينهم من تقديم طعونهم ضد مرشحي الحزب الوطني وهي انتهاكات دفعت ممثلي المعارضة في مجلس الشعب لمناقشتها داخل المجلس والمطالبة بوضع حلول عاجلة لها إذا كانت الدولة صادقة  في سعيها نحو الإصلاح السياسي والمجتمعي الشامل .

عاشراً : دعمت الانتخابات المحلية الصورة السياسية التي تضع الإخوان المسلمين في مقعد البديل المحتمل للسلطة القائمة حال حدوث تغيير أو حراك في مقاعد السلطة التنفيذية وهو ما يتضح في ترشيحات الإخوان للمحليات فبعد شد وجذب حول إمكانية إقدام الإخوان للمشاركة في الانتخابات المحلية وبخاصة بعد الضربات العنيفة التي تلقوها والتي كان أعنفها إحالة النائب الثاني للمرشد خيرت الشاطر ومعه قيادات الجماعة للقضاء العسكري حسم المرشد العام / محمد مهدي عاكف الأمر بإقامة مؤتمر صحفي بمقر الجماعة في 21فبراير 2008 أعلن خلاله عن مشاركة الإخوان في الانتخابات المحلية رغم تعالي أصوات داخل الجماعة مثل د/ جمال حشمت تتوقع عدم نجاح أي مرشح للإخوان في المحليات بسبب التزوير المنظم وأعلنت الجماعة عن إعدادها لـ 10 ألاف مرشح سوف يتم الدفع بهم في المحليات بنسبة 20% من المقاعد المطلوبة وهي نسبة تتحرك فيها الجماعة خلال جميع الانتخابات الماضية للتأكيد علي شعارها ( مشاركة لا فعالية) وطمأنت قطاعات واسعة داخل وخارج البلاد إلى أنها لا تسعي إلي الحكم ( الآن ) وهي رسالة فشلت الجماعة رغم عديد محاولاتها في توصيلها خاصة وأن المنهج الاخوانى النفعى القائم على ضرب كافة القوى المدنية الساعية للعمل العام والذى اتبعته الجماعة خلال انتخابات مجلس الشعب بإسقاطها ومشاركتها بالتأمر على إسقاط رموز المعارضة قد خلق عدائيات وانعدام ثقة فى صدق رسالتها التى وضح بقوة أنها تخاطب الخارج بأكثر مما تتوجه للداخل الأمر الذي يوضح بالتأكيد السبب في الضغوط والانتهاكات التي قابلت مرشحيهم الذين لم يتمكن منهم سوي 5774 مرشح في تقديم أوراقهم قبل منها 498 مرشح بنسبة 3.8% من إجمالي المرشحين وذلك بعد صعوبات عديدة وصلت إلي الاعتداء بالضرب علي محمود عبد اللطيف قطب ابن النائب الإخوانى بمجلس الشعب عن محافظة بني سويف ومداهمة المنازل في كفر الشيخ واعتقال أقارب المرشحين حتى وصل الأمر لحصار مسجد أولاد نصير للقبض علي القيادي الإخواني د/ إبراهيم العطوي وهو الحصار الذي تم إنهاؤه بعد تراشق بالحجارة مع الأهالي واعتقال مرشحي الإخوان بعد تقديمهم لأوراقهم والذين وصل عددهم بسبب المحليات إلى 831 معتقل من بينهم 187 مرشحا لتشتعل المظاهرات والاحتجاجات في الغربية 5000 متظاهر وكفر الشيخ 900 متظاهر  ومطوبس 500 متظاهر ودسوق 700 متظاهر حتى وصل الأمر إلي اقتحام 1000 شخص قيل أنهم ينتمون للجماعة لمجلس مدينة بسيون بالغربية وتحطيم أبوابه ونوافذه.

واعتمد الإخوان علي رفع قضايا أمام محاكم القضاء الإداري يعترضون فيها علي منعهم من الترشيح ليصل عدد الدعاوي التي رفعها الإخوان إلي 3912 دعوي صدر الحكم في 2664 منها لصالح مرشحي الجماعة بتمكينهم من الترشيح أو إدراج أسمائهم في الكشوف الانتخابية .

فأصدرت محكمة القضاء الإداري بالشرقية حكماً بإدراج 250 مرشحاً في كشوف المرشحين وفي القاهرة حكمت بإدراج 38 مرشحا وفي شبين الكوم حكمت بإدراج 107 مرشحا وأصدرت حكماً آخر بإدراج 219 مرشحا وفي بورسعيد بإدراج 33 مرشحا وفي الإسكندرية بإدراج 509 مرشحا بالبحيرة وعدد 94 مرشحا بالإسكندرية وفي أسيوط بإدراج 67 مرشحا علي قوائم المرشحين بسوهاج .

إضافة إلي إقدام الإخوان علي ترشيح بعض المعتقلين في المحليات فتقدم 42 معتقل بالإسكندرية بدعوي أمام محكمة القضاء الإداري لتمكينهم من ترشيح أنفسهم.

وأظهرت الدولة موقفها الحاسم ضد جماعة الإخوان عند إعلان خبر فوز مرشحين اثنين للجماعة بالتزكية في دائرة النزهة والسلام بالقاهرة لعدم استكمال الحزب الوطني لقائمته إذ سرعان ما تم الرد  بالإعلان عن استكمال الحزب الوطني لأوراق 980 مرشحا بالقاهرة بينهم مرشحين بالنزهة والسلام  لإبطال التزكية التي تم الإعلان عنها الأمر الذي دفع المرشحين الشيخ أبو بكر والمهندس حكيم الراعي لرفع دعاوي قضائية أمام مجلس الدولة ضد محافظة القاهرة ووزارة الداخلية تحت أرقام 25571 – 25701 بسبب التجاوز القانوني بإضافة مرشحين للحزب الوطني بعد إغلاق باب الترشيح والطعون واعتماد محافظة القاهرة للتزكية.

أن ما تعانيه جماعة الإخوان المسلمين من انتهاكات هو بمثابة رد فعل علي حالة القلق التي تسببت فيها الجماعة بطرحها لنفسها علي أساس كونها البديل لنظام الحكم القائم وكذلك برنامجها السياسي المثير للجدل بسبب عدائه لكثير من القوي السياسية والاجتماعية في المجتمع ومنهجها القائم على تحقيق المصالح الخاصة للتنظيم ولو على حساب أطراف لا نقول قريبة منها وإنما على الأقل لا تكن لها خصومة وهو ما جعلها وحيدة لا نصير لها فى معادلة أرادها الإخوان على تلك الشاكلة دون وعى بما قد يؤديه ذلك من نتائج قاسية ربما عليهم .

الأمر الذي يلزم الجماعة بضرورة الحوار الموضوعي وتقديم ما يثبت منهجها السلمي لتداول السلطة وقدرتها علي التعامل الموضوعي مع غيرها من القوي السياسية واعتمادها منهجية المواطنة كأساس للتعامل وهي ملفات شائكة فشلت الجماعة في التعامل معها حتى اليوم وان كانت جميعها لا تبرر بأي حال من الأحوال القبول بأي انتهاك قد يمارس ضدها.

حادي عشر: تستكمل منظمات المجتمع المدني مشاركتها في عملية الإصلاح السياسي عبر القيام بدورها مراقبة الانتخابات المحلية في امتداد طبيعي لتجربتها القائمة علي مراقبة جميع الانتخابات المصرية حيث أعلنت 15 منظمة مصرية القيام بالمراقبة سواء في شكل فردي أو من خلال ائتلافات وشبكات رقابية مقدرة حجم التمويل الذي قدم لها بنحو 3 ملايين دولار بعد مناوشات وخلافات عديدة بسبب ما قيل أنه اتفاق بين الحكومة واحدي الجهات المانحة علي منع تمويلاتها عن المراكز الحقوقية في إطار ضرب أحد المراكز لمواقفه الواضحة ضد السلطة التنفيذية إلا أن الأمر سرعان ما تم تجاوزه وان كان يلقي بعبء شديد علي جهات الرقابة المحلية التي يوجه لها دوماً اتهامات بعدم الحيدة والموضوعية في عملية الرقابة وانتهاجها لطريقة فبركة التقارير الأمر الذي كان سبباً في قيام مركز ماعت ومؤسسة عالم واحد وجمعية التنمية الإنسانية بتنفيذ مشروع ( الرقابة من أجل المشاركة) لمراقبة أداء المراقبين ومعالجة أوجه القصور للوصول لميثاق شرف محلي للرقابة علي الانتخابات.

وفي الأوساط الحقوقية يظهر الخلاف علي جدوى الرقابة بشكل واضح إذ يري الطرف المعارض لها أن الرقابة لن تكون ذات جدوى وأنها سوف تعطي شرعية لما ستشهده العملية الانتخابية من تجاوزات تشجع الناخبين علي التصويت وهذا يقدم صورة مزيفة للرأي العام في الداخل والخارج بالمشاركة في عملية لا يمكن أن نطلق عليها انتخابات وفي المقابل يري الطرف الثاني أنه حتى وان كانت هناك أعمال شكلية للرقابة فإنها لا تدين جميع العاملين فيها لان هناك أشكال جادة للرقابة تتم في مصر خاصة وان فكرة الرقابة أصبح لها مصداقية وتأثير علي المستويين المحلي والدولي ففارق كبير بين إن يعلن حزب سياسي عن تزوير الانتخابات وبين أن يصدر الحكم علي العملية الانتخابية من منظمة حقوقية لا تسعي للسلطة وباعتبارها طرفاً حيادياً.

ومع كل هذا فيبقي التحدي الأكبر أمام منظمات الرقابة في قدرتها علي إعداد وتأهيل مراقبيها للقيام بدورهم بشكل حيادي وفعال خلال عملية انتخابية هي الأعقد والأكثر عدداً في مرشحيها وهي الانتخابات المحلية وهو تحد رغم صعوبته إلا أن منظمات المجتمع المدني سبق لها مواجهة العديد من أمثاله

ونجحت في تجاوزه.

 

 

القاهرة 29 / 3 / 2008

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية