مع اختتام عام 2024، نضع بين أيديكم هذا التقرير السنوي الذي يعكس جهود مؤسسة ماعت في تعزيز حقوق الإنسان، ودعم سيادة القانون، والمساهمة في تحقيق تنمية مستدامة قائمة على مبادئ العدالة والمساواة. لقد كان هذا العام مليئًا بالتحديات غير المسبوقة، لكنه في الوقت ذاته شهد خطوات مهمة ومؤثرة تعكس التزامنا الراسخ بقيم الحرية والكرامة الإنسانية، رغم تعقيدات المشهد الحقوقي والسياسي على المستويين الإقليمي والدولي.
شهد العام المنصرم تصاعد النزاعات المسلحة، وتفاقم الأزمات الإنسانية، وازدياد التحديات على المجتمع المدني، مما جعل العمل الحقوقي أكثر تعقيدًا. ورغم ذلك، تمكنت مؤسسة ماعت من مواصلة دورها الفاعل، سواء من خلال تنفيذ مشروعات محورية تناولت قضايا جوهرية مثل مكافحة التعذيب، والتصدي للتضليل الإعلامي، وتعزيز التنمية المستدامة، أو عبر المساهمة في المحافل الدولية، حيث قدمت المؤسسة أكثر من 200 مداخلة شفوية ومكتوبة، وواصلت التعاون الوثيق مع الأمم المتحدة والآليات الإقليمية لتعزيز حماية حقوق الإنسان.
ولأن التأثير الحقيقي لا يقتصر على الأروقة الدولية والمحافل الرسمية، بل يمتد إلى المجتمعات ذاتها، فقد أولت مؤسسة ماعت اهتمامًا خاصًا ببناء القدرات وتعزيز الوعي الحقوقي. على مدار العام، نظمت المؤسسة 25 ورشة تدريبية استهدفت الشباب، والصحفيين، والمحامين، إضافة إلى تدريب اللاجئين والمهاجرين على آليات الحماية القانونية وإطلاق المبادرات المجتمعية. كما عملت على خلق حوار مجتمعي واسع النطاق عبر 46 فعالية وحلقة نقاش تناولت أبرز القضايا الحقوقية الراهنة، بما في ذلك حقوق الإنسان في النزاعات المسلحة، وتأثير تجارة الأسلحة على الاستقرار الإقليمي، وتعزيز الديمقراطية وحماية الفئات الأكثر تضررًا.
وفي ظل التحولات السريعة في المشهد الإعلامي والحقوقي، أدركت مؤسسة ماعت أهمية التوعية الرقمية كأداة فعالة في مواجهة التضليل الإعلامي وتعزيز الخطاب الحقوقي المستند إلى الحقائق. ولهذا، أطلقت المؤسسة ست حملات إلكترونية ركزت على القضايا الحقوقية الملحة، بما في ذلك حملة رفض رئاسة إسرائيل لمؤتمر نزع السلاح، وحملة “دقق قبل ما تصدق” لمواجهة الأخبار الزائفة، بالإضافة إلى مبادرات أخرى سلطت الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان في مناطق النزاع.
يأتي هذا التقرير ليعكس ليس فقط ما أنجزته مؤسسة ماعت خلال عام 2024، ولكن أيضًا ليرسم ملامح الطريق نحو المستقبل، مؤكدًا التزامنا الثابت بمواصلة العمل من أجل حماية الحقوق والحريات، وتوسيع نطاق الشراكات مع المجتمع المدني والمنظمات الدولية، والتصدي للتحديات الناشئة التي تهدد مكتسبات حقوق الإنسان في عالمنا اليوم.
![]() |
shortlink: https://maatpeace.org/ar/?p=44519