Impeding Prosperity 1

إعاقة الازدهار-تأثير أنشطة الشركات الأوربية على الحق في التنمية في الدول الأفريقية

تلعب حقوق الإنسان دوراً أساسياً لا غنى عنه لتحقيق التنمية المستدامة، وتسلم خطة التنمية المستدامة لعام 2030 بأن الاقتصادات الشاملة والتشاركية، والمجتمعات التي تتم فيها مساءلة الحكومة، تحقق نتائج أفضل للجميع، وأنه لا يخلف ركبها أحداً وراءه. ويشدد إعلان الحق في التنمية على حق كل فرد وجميع الشعوب في المشاركة الحرة، النشطة والهادفة. وتحدد مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان واجب الدول والشركات الخاصة بضمان عدم انتهاك الأعمال التجارية لحقوق الإنسان.
لكن في افريقيا؛ لا يحتاج الأمر لعناء كبير لإثبات التبعات التي تٌخلفها أنشطة الشركات الأوروبية متعددة الجنسيات. حيث تتعاظم الأدوار الممنوحة للشركات عبر الوطنية والشركات متعددة الجنسيات وتتقاطع هذه الأدوار مع المساهمة في الاقتصادات الوطنية في أفريقيا، فهذه الشركات طرف أصيل في تدفقات الأموال من وإلى الاقتصادات النامية، ويمكن في الوقت نفسه تكون أنشطة هذه الشركات سلاح ذو حدين فمن الممكن أن تعزز أو تعيق الحق في التنمية. ويعرف الحق في التنمية كما جاء في المادة الأولي من إعلان الحق في التنمية لعام 1986 بأنه “حق يكفل لكل إنسان ولجميع الشعوب المشاركة والإسهام في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والتمتع بها، على نحو يتيح إعمال جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية إعمالاً تاماً”، ومن هذا التعريف يتضح إن للحق في التنمية ثلاثة عناصر أساسية وهي المشاركة في التنمية والإسهام فيها والتمتع بفوائدها. كما يتضح من التعريف إنه له أربع جوانب فهي التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية في الحق في التنمية.
لكن من الواضح إن أنشطة الشركات الأوروبية وهي الشركات التي تركز عليها الدراسة تتغافل عن تعزيز الحق في التنمية بسبب أنشطتها في أفريقيا التي تركز على الربح أكثر من تقييم المخاطر التي يتعرض لها السكان المحليون. وتستثمر معظم هذه الشركات والتي تقدر بنحو 6 آلاف شركة في مجالات التعدين والتنقيب عن النفط والدهب وفي مشاريع البنية التحتية مثل خطوط الأنابيب ووسائل النقل ومحطات الطاقة ويمكن القول إن هذه العمليات تبعاتها تكون كبيرة وهائلة على السكان الأصليين والمجتمعات القبلية والمحلية في هذه المناطق.
وتعد أفريقيا بمفردهًا منطقة تركيز لنحو 30% من احتياطيات المعادن في العالم، و12% من احتياطي النفط في العالم، بالإضافة إلى 8% من احتياطي الغاز الطبيعي في العالم. كما تمتلك القارة الأفريقية 40 بالمائة من الذهب في العالم وما يصل إلى 90 بالمائة من الكروم والبلاتين. بالإضافة إلي أكبر احتياطيات من الكوبالت والماس والبلاتين واليورانيوم في العالم موجودة في القارة السمراء. بالإضافة إلى كل ما سبق فإن أفريقيا تمثل 65 في المائة من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم وعشرة في المائة من مصادر المياه العذبة المتجددة الداخلية. لكن حتى مع هذه الإمكانيات الهائلة التي تحظي بها القارة الافريقية إلا إن ذلك لم ينعكس على تعزيز التنمية في القارة. وفي الوقت الحالي يوجد 345 شركة في أفريقيا تحقق إيرادات تزيد عن مليار دولار سنويا. بالإضافة إلى 20 شركة تصل أرباحها إلى أكثر من 10 مليار دولار! مع ذلك فإن هذه الأرباح لم تنعكس على القارة الأفريقية. فلا يزال على سبيل المثال أكثر من 50% من سكان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يفتقرون للوصول إلى الكهرباء. ووفقا للاتحاد الأفريقي مازال هناك فجوة تمويلية سنوية تبلغ 90 مليار دولار في الدول الأفريقية لتلبية أهداف الوصول إلى الطاقة. كما إن الوفيات الناجمة عن الأمراض غير المعدية آخذة في الارتفاع، بسبب ضعف الوقاية والتشخيص والرعاية. على سبيل المثال، تظهر البيانات الصادرة عن الاتحاد الدولي للسكري أن انتشار مرض السكري في أفريقيا في تصاعد. ووفقا لأخر إحصائيات متاحة كان هناك 44 مليون شخص في الفئة العمرية بين 20 إلى 70 عامًا في 53 دولة أفريقية مرضي بالسكري؛ ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم بنسبة 34 % إ في عام 2030 وبنسبة 109 % خلال عام 2045. ولا تزال القارة مٌنغمسة في الفقر متعدد الأبعاد. فعلى سبل المثال؛ في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى فقط يعيش 556 مليون شخص في فقر متعدد الأبعاد 82% منهم في المناطق الريفية . لذلك فإن الوفرة في الموارد الطبيعية التي تحظي بها القارة لم تتحول إلى ثروة تنعم بها الدول الأفريقية أو تنعكس على تنمية سكانهًا.
وتتحمل الدول الأفريقية بموجب سيادة الدولة علي الموارد الطبيعية، المسؤولية الأساسية عن ضمان إدارة الموارد الطبيعية لصالح السكان. ووفقا المادة 21 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، يقع على عاتق الدول واجب القضاء على جميع أشكال الاستغلال الاقتصادي الأجنبي، وخاصة ما عٌرف في نص المادة 21 بالاحتكارات الدولية. غير إن في أوقات مختلفة تكون الحكومات الأفريقية متواطئة مع الشركات متعددة الجنسيات في إقامة مشاريع تضر بالسكان المحليين ولا تساعد على تعزيز الحق في التنمية للشعوب الأفريقية.
لذلك تركز هذه الدراسة التي تٌعدها مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان على هامش الدورة 57 لمجلس حقوق الإنسان على تأثير أنشطة وعمليات الشركات الأوروبية متعددة الجنسيات علي الحق في التنمية في أفريقيا. وجري إعداد هذه الدراسة بالتزامن مع الحوار التفاعلي مع آلية الخبراء المعنية بالحق في التنمية. والحوار التفاعلي مع المقرر الخاص المعني بالحق في التنمية وتقرير الفريق العامل المعني بالحق في التنمية.

download

Impeding Prosperity 2 scaled Impeding Prosperity 3 scaled

مواضيع

شارك !

أضيف مؤخراً

محتوى ذو صلة

القائمة
arالعربية